يَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ: وَيْلَكُمْ اسْرَحُوا حَيْثُ يسرحُ رَاعِي بِنْتِ أَبِي ذُؤيب فَتَرُوحُ أغنامُهم جِيَاعًا مَا تَبِضُّ بِقَطْرَةِ لَبَنٍ، وَتَرُوحُ غَنَمِي شِباعا لُبَّنًا، فَلَمْ نَزَلْ نَتَعَرَّفُ مِنْ اللَّهِ الزِّيَادَةَ وَالْخَيْرَ حَتَّى مَضَتْ سَنَتَاهُ وفصلتُه؛ وَكَانَ يشِبُّ شَبَابًا لَا يشبُّه الْغِلْمَانُ، فَلَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْهِ حَتَّى كان غلامًا جَفرًا.
رجوع حليمة به إلى مكة أول مرة: قَالَتْ: فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ وَنَحْنُ أحرصُ شَيْءٍ عَلَى مُكْثِهِ فِينَا؛ لِمَا كُنَّا نَرَى مِنْ بَرَكَتِهِ؛ فَكَلَّمْنَا أمَّه، وقلتُ لَهَا: لَوْ تَرَكْتُ بُنَيَّ عِنْدِي حَتَّى يغلُظَ، فَإِنِّي أَخْشَى عليه وباء مَكَّةَ قَالَتْ: فَلَمْ نَزَلْ بِهَا حَتَّى رَدَّتْهُ معنا.
حديث الملكين اللذين شقا بطنه: قَالَتْ: فَرَجَعْنَا بِهِ، فَوَاَللَّهِ إنَّهُ بَعْدَ مَقْدِمِنَا بشهر مَعَ أَخِيهِ لَفِي بَهْم لَنَا خَلْفَ بُيُوتِنَا، إذْ أَتَانَا أَخُوهُ يَشْتَدُّ، فَقَالَ لِي وَلِأَبِيهِ: ذَاكَ أَخِي الْقُرَشِيُّ قَدْ أَخَذَهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَضْجَعَاهُ، فَشَقَّا بَطْنَهُ، فَهُمَا يَسُوطانه1، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُوهُ نَحْوَهُ فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا مُنْتَقَعَا وجْهُه. قَالَتْ: فَالْتَزَمْتُهُ وَالْتَزَمَهُ أَبُوهُ، فَقُلْنَا لَهُ: مَا لَكَ يَا بُنَيّ، قَالَ: جَاءَنِي رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَضْجَعَانِي وشقَّا بَطْنِي، فالتمسا شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ. قَالَتْ: فَرَجَعْنَا إلى خِبائنا.
حليمة ترد محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَى أُمِّهِ: قَالَتْ: وَقَالَ لِي أَبُوهُ: يَا حَلِيمَةُ، لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلَامُ قَدْ أُصِيبَ، فَأَلْحِقِيهِ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ بِهِ، قَالَتْ: فاحتملناه، فقدمنا به على أمّه، فقالت: مَا أَقْدَمَكَ بِهِ يَا ظِئْرُ، وَقَدْ كنتِ حَرِيصَةً عَلَيْهِ، وَعَلَى مُكْثِهِ عِنْدَكَ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: فقد بَلَغَ اللَّهُ بِابْنِي وَقَضَيْتُ الَّذِي عليَّ، وتخوفتُ الْأَحْدَاثَ عَلَيْهِ، فَأَدَّيْتُهُ إلَيْكَ كَمَا تُحِبِّينَ. قَالَتْ: مَا هَذَا شَأْنُكَ، فأصدُقيني خَبَرَكَ. قَالَتْ: فَلَمْ تَدَعْني حَتَّى أخبرتُها. قَالَتْ: أفتخوفتِ عَلَيْهِ الشيطانَ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: كَلَّا. وَاَللَّهِ مَا للشيطان عليه من