جُبَيْر بن مُطْعِم بن عَدي بن نَوْفل بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ -وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْر أعلم قريش- فدخل عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ حِينَ قُتل ابْنَ الزُّبَيْرِ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَلَمْ نَكُنْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ، يَعْنِي بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَبَنِيَّ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ فِي حِلْفِ الفُضول؟ قَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لِتُخْبِرَنِّي يَا أَبَا سَعِيدٍ بالحقِّ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ لَقَدْ خَرَجْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ منه، قال: صدقْتَ.

هاشم يتولى الرفادة والسقاية: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فوليَ الرِّفَادَةَ وَالسِّقَايَةَ: هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ شَمْسٍ كَانَ رَجُلًا سفَّارًا قَلَّما يُقِيمُ بِمَكَّةَ، وَكَانَ مُقِلًا ذَا وَلَدٍ، وَكَانَ هَاشِمٌ مُوسرًا فَكَانَ -فيما يزعمون- إذا حضر الحج، قَامَ فِي قُرَيْشٍ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنَّكُمْ جيرانُ اللَّهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَإِنَّهُ يَأْتِيكُمْ فِي هَذَا الْمَوْسِمِ زوارُ اللَّهِ وحُجاج بَيْتِهِ، وَهُمْ ضَيْف اللَّهِ، وَأَحَقُّ الضَّيْفِ بِالْكَرَامَةِ: ضيفُه، فَاجْمَعُوا لَهُمْ مَا تَصْنَعُونَ لَهُمْ بِهِ طَعَامًا أيامَهم هَذِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ الْإِقَامَةِ بِهَا؛ فَإِنَّهُ وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ مَالِي يَسَعُ لِذَلِكَ مَا كَلَّفْتُكُمُوهُ" فَيُخْرِجُونَ لِذَلِكَ خَرْجًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، كُلُّ امْرِئِ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ، فيُصنع به للحجاج طعامٌ، حتى يَصْدُروا منها.

أفضال هاشم على قومه: وَكَانَ هَاشِمٌ -فِيمَا يَزْعُمُونَ- أولَ مَنْ سَنَّ الرِّحْلَتَيْنِ لِقُرَيْشِ: رِحْلَتَيْ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَأَوَّلَ مَنْ أطعم الثريد للحجاج بِمَكَّةَ، وَإِنَّمَا كَانَ اسْمُهُ: عَمرًا، فَمَا سُمي هَاشِمًا إلَّا بِهَشْمِهِ الْخُبْزَ بِمَكَّةَ لِقَوْمِهِ1، فَقَالَ شاعر من قريش أو من العرب2:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015