يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَبْ [1] لِي امْرَأَتَهُ وَوَلَدَهُ، قَالَ: هُمْ لَكَ. قَالَ: فَأَتَاهُ فَقَالَ: قَدْ وَهَبَ لِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ سلم أَهْلَكَ وَوَلَدَكَ، فَهُمْ لَكَ، قَالَ: أَهْلُ بَيْتٍ بِالْحِجَازِ لَا مَالَ لَهُمْ، فَمَا بَقَاؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ فَأَتَى ثَابِتٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا لَهُ، قَالَ: هُوَ لَكَ. فَأَتَاهُ ثَابِتٌ فَقَالَ: قَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالَكَ، فَهُوَ لَكَ، قَالَ: أَيْ ثَابِتٌ، مَا فَعَلَ الَّذِي كَأَنَّ وَجْهَهُ مِرْآةٌ صِينِيَّةٌ يَتَرَاءَى فِيهَا عَذَارَى الْحَيِّ، كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ؟ قَالَ: قُتِلَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ سَيِّدُ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ؟ قَالَ: قُتِلَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ مُقَدِّمَتُنَا إذَا شَدَدْنَا، وَحَامِيَتُنَا إذَا فَرَرْنَا، عَزَّالُ بْنُ سَمَوْأَلَ؟ قَالَ: قُتِلَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْمُجْلِسَانِ؟ يَعْنِي بَنِي كَعْبِ بْنِ قُرَيْظَةَ وَبَنِيَّ عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ، قَالَ:
ذَهَبُوا قُتِلُوا؟ قَالَ: فَأَنِّي أَسْأَلُكَ يَا ثَابِتُ بِيَدِي عِنْدَكَ إلَّا ألحقتنى بالقوم، فو الله مَا فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ خَيْرٍ، فَمَا أَنَا بِصَابِرِ للَّه فَتْلَةَ دَلْوٍ نَاضِحٍ [2] حَتَّى أَلْقَى الْأَحِبَّةَ. فَقَدَّمَهُ ثَابِتٌ، فَضُرِبَ عُنُقُهُ.
فَلَمَّا بَلَغَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَوْلَهُ «أَلْقَى الْأَحِبَّةَ» . قَالَ: يَلْقَاهُمْ وَاَللَّهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا (فِيهَا) [3] مُخَلَّدًا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قِبْلَةَ دَلْوٍ [4] نَاضِحٍ. (و) [3] قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سَلْمَى فِي «قِبْلَةٍ» :
وَقَابِلٍ يَتَغَنَّى كُلَّمَا قَدَرَتْ ... عَلَى الْعَرَاقَى يَدَاهُ قَائِما دفقا [5]
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى: وَقَابِلٌ يُتَلَقَّى، يَعْنِي قَابِلَ الدَّلْوِ يَتَنَاوَلُ [6] .