(قَالَ) فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: الحقّ: أَي ابْني، فَقَدْ وَاَللَّهِ أَخَّرْتُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّ سَعْدٍ، وَاَللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ دِرْعَ سَعْدٍ كَانَتْ أَسْبَغَ [1] مِمَّا هِيَ، قَالَتْ:

وَخِفْتِ عَلَيْهِ حَيْثُ أَصَابَ السَّهْمُ مِنْهُ، فَرُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ بِسَهْمِ، فَقَطَعَ مِنْهُ الْأَكْحَلَ [2] ، رَمَاهُ كَمَا حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، حِبَّانُ [3] بْنُ قَيْسِ بْنِ الْعَرِقَةِ [4] ، أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، فَلَمَّا أَصَابَهُ، قَالَ: خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا ابْنُ الْعَرِقَةِ، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ: عَرَّقَ اللَّهُ وَجْهَكَ فِي النَّارِ، اللَّهمّ إنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا، فَإِنَّهُ لَا قَوْمَ أَحَبَّ إلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ مِنْ قَوْمٍ آذَوْا رَسُولَكَ وَكَذَّبُوهُ وَأَخْرَجُوهُ، اللَّهمّ وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَضَعْتُ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَاجْعَلْهُ لِي شَهَادَةً، وَلَا تُمِتْنِي حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ.

(شِعْرٌ لِأُسَامَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَاتِلُ سَعْدٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا أَصَابَ سَعْدًا يَوْمَئِذٍ إلَّا أَبُو أُسَامَةَ الْجُشَمِي، حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ.

وَقَدْ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا [5] لِعِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ:

أَعِكْرِمُ هَلَّا لُمْتنِي إذْ تَقُولُ لِي ... فِدَاكَ بِآطَامِ الْمَدِينَةِ خَالِدُ [6]

أَلَسْتُ الَّذِي أَلْزَمْتُ سَعْدًا مُرِشَّةً [7] ... لَهَا بَيْنَ أَثْنَاءِ الْمَرَافِقِ عَانِدُ [8]

قَضَى نَحْبَهُ مِنْهَا سَعِيدٌ فَأَعْوَلَتْ ... عَلَيْهِ مَعَ الشُّمْطِ الْعَذَارَى النَّوَاهِدُ [9]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015