تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ [1] ، مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ، فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ 59: 2، وَذَلِكَ لِهَدْمِهِمْ بُيُوتَهُمْ عَنْ نُجُفِ أَبْوَابِهِمْ إذَا احْتَمَلُوهَا. «فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصارِ، وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ 59: 2- 3» وَكَانَ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ نِقْمَةٌ، «لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا 59: 3» : أَيْ بِالسَّيْفِ، «وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ 59: 3» مَعَ ذَلِكَ. «مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها 59: 5» . وَاللِّينَةُ: مَا خَالَفَ الْعَجْوَةَ مِنْ النَّخْلِ «فَبِإِذْنِ اللَّهِ 59: 5» : أَيْ فَبِأَمْرِ اللَّهِ قُطِعَتْ، لَمْ يَكُنْ فَسَادًا، وَلَكِنْ كَانَ نِقْمَةً مِنْ اللَّهِ «وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ 59: 5» .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: اللِّينَةُ: مِنْ الْأَلْوَانِ، وَهِيَ مَا لَمْ تَكُنْ بَرْنِيَّةَ وَلَا عَجْوَةً مِنْ النَّخْلِ، فِيمَا حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ [2] . قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كَأَنَّ قُتُودِي فَوْقَهَا عُشُّ طَائِرٍ ... عَلَى لِينَةٍ سَوْقَاءَ تَهْفُو جُنُوبُهَا [3]
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ.
«وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ 59: 6» - قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: يَعْنِي مِنْ بَنِي النَّضِيرِ- «فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ، وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ، وَالله عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 59: 6» : أَيْ لَهُ خَاصَّةً.
(تَفْسِيرُ ابْنِ هِشَامٍ لِبَعْضِ الْغَرِيبِ) :
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أوْجَفْتُمْ: حَرَّكْتُمْ وَأَتْعَبْتُمْ فِي السَّيْرِ. قَالَ تَمِيمُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ مُقْبِلٍ أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ: