ذَلِكَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ: أَرْيَاطُ، ثُمَّ أَبْرَهَةُ، ثُمَّ يَكْسُومُ بْنُ أَبْرَهَةَ، ثُمَّ مَسْرُوقُ بْنُ أَبْرَهَةَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: ثُمَّ مَاتَ وَهْرِزُ، فَأَمَّرَ كِسْرَى ابْنَهُ الْمَرْزُبَانَ بْنِ وَهْرِزَ عَلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرْزُبَانُ، فَأَمَّرَ كِسْرَى ابْنَهُ التَّيْنُجَانَ بْنَ الْمَرْزُبَانِ عَلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ مَاتَ التَّيْنُجَانُ، فَأَمَّرَ كِسْرَى ابْنَ التَّيْنُجَانِ عَلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَأَمَّرَ بَاذَانَ، فَلَمْ يَزَلْ بَاذَانُ عَلَيْهَا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا النَّبِيَّ) [1] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَبَلَغَنِي عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ:
كَتَبَ كِسْرَى إلَى بَاذَانَ: أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ خَرَجَ بِمَكَّةَ، يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فسر إِلَيْهِ فاستنبه، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا فَابْعَثْ إلَيَّ بِرَأْسِهِ. فَبَعَثَ بَاذَانُ بِكِتَابِ كِسْرَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي أَنْ يُقْتَلَ كِسْرَى فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا. فَلَمَّا أَتَى بَاذَانَ الْكِتَابُ تَوَقَّفَ لِيَنْظُرَ، وَقَالَ: إنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَيَكُونُ مَا قَالَ. فَقَتَلَ اللَّهُ كِسْرَى فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قُتِلَ عَلَى يَدَيْ ابْنِهِ شِيرَوَيْهِ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ حِقٍّ الشَّيْبَانِيُّ:
وَكِسْرَى إذْ تَقَسَّمْهُ بَنُوهُ ... بِأَسْيَافٍ كَمَا اُقْتُسِمَ اللَّحَّامُ [2]
تَمَخَّضَتْ الْمَنُونُ لَهُ بِيَوْمٍ ... أَنَّى وَلِكُلِّ حَامِلَةٍ تِمَامُ
[3]
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ بَاذَانَ بَعَثَ بِإِسْلَامِهِ [4] وَإِسْلَامِ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْفُرْسِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَتْ الرُّسُلُ مِنْ الْفُرْسِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إلَى مَنْ نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْتُمْ مِنَّا وَإِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ.