مَعَ الْقَوْمِ. حَتَّى إذَا كَانُوا عَلَى الرَّجِيعِ، مَاءٍ لِهُذَيْلٍ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ، عَلَى صُدُورِ الْهَدْأَةِ [1] غَدَرُوا بِهِمْ، فَاسْتَصْرَخُوا [2] عَلَيْهِمْ هُذَيْلًا، فَلَمْ يَرُعْ الْقَوْمَ، وَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، إلَّا الرِّجَالُ بِأَيْدِيهِمْ السُّيُوفُ، قَدْ غَشُوهُمْ، فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ لِيُقَاتِلُوهُمْ فَقَالُوا لَهُمْ: إنَّا وَاَللَّهِ مَا نُرِيدُ قَتْلَكُمْ، وَلَكِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ بِكُمْ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَلَكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَنْ لَا نَقْتُلَكُمْ.
فَأُمَّا مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ، وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالُوا: وَاَللَّهِ لَا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا وَلَا عَقْدًا أَبَدًا، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ:
مَا عِلَّتِي وَأَنَا جَلْدٌ نَابِلُ ... وَالْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُنَابِلُ [3]
تَزَلُّ عَنْ صَفْحَتِهَا الْمَعَابِلُ ... الْمَوْتُ حَقٌّ وَالْحَيَاةُ بَاطِلُ [4]
وَكُلُّ مَا حَمَّ الْإِلَهُ نَازِلٌ ... بِالْمَرْءِ وَالْمَرْءُ إلَيْهِ آئِلُ [5]
إنْ لَمْ أُقَاتِلْكُمْ فَأُمِّي هَابِلُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَابِلُ: ثَاكِلُ.
وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:
أَبُو سُلَيْمَانَ وَرِيشُ الْمُقْعَدِ ... وَضَالَةٌ مِثْلَ الْجَحِيمِ الْمُوقَدِ [6]
إذَا النَّوَاجِي افْتُرِشْتِ لَمْ أُرْعَدْ ... وَمُجْنَأٌ مِنْ جَلَدٍ ثَوْرٍ أَجْرَدِ [7]
وَمُؤْمِنٌ بِمَا عَلَى مُحَمَّدِ