ذَلِكَ مِنْكُمْ بِالْإِيمَانِ بِي، وَالصَّبْرَ عَلَى مَا أَصَابَكُمْ فِيَّ، وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الشَّهَادَةَ عَلَى الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ قَبْلَ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ، يَعْنِي الَّذِينَ اسْتَنْهَضُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى خُرُوجِهِ بِهِمْ إلَى عَدُوِّهِمْ، لِمَا فاتهم من حضورا الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ بِبَدْرٍ، وَرَغْبَةً فِي الشَّهَادَةِ الَّتِي فَاتَتْهُمْ بِهَا، فَقَالَ: «وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ» 3: 143 يَقُولُ: «فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ» 3: 143: أَيْ الْمَوْتُ بِالسُّيُوفِ فِي أَيْدِي الرِّجَالِ قَدْ خُلِّيَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ، ثُمَّ صَدَّهُمْ عَنْكُمْ. «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ، وَمن يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً، وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» 3: 144: أَيْ لِقَوْلِ النَّاسِ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَانْهِزَامُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ، وَانْصِرَافُهُمْ عَنْ عَدُوِّهِمْ «أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ» 3: 144 رَجَعْتُمْ عَنْ دِينِكُمْ كُفَّارًا كَمَا كُنْتُمْ، وَتَرَكْتُمْ جِهَادَ عَدُوِّكُمْ، وَكِتَابَ اللَّهِ. وَمَا خَلَّفَ نَبِيُّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ دِينِهِ مَعَكُمْ وَعِنْدَكُمْ، وَقَدْ بَيَّنَ لَكُمْ فِيمَا جَاءَكُمْ بِهِ عَنِّي أَنَّهُ مَيِّتٌ وَمُفَارِقُكُمْ، «وَمن يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ» 3: 144: أَيْ يَرْجِعُ عَنْ دِينِهِ «فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً» 3: 144: أَيْ لَيْسَ يُنْقِصُ ذَلِكَ عِزَّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا مُلْكَهُ وَلَا سُلْطَانَهُ وَلَا قُدْرَتَهُ، «وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» 3: 144:
أَيْ مَنْ أَطَاعَهُ وَعَمِلَ بِأَمْرِهِ [1] .
ثُمَّ قَالَ: «وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا» 3: 145:
أَيْ أَنَّ لِمُحَمَّدِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلًا هُوَ بَالِغُهُ، فَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ كَانَ. «وَمن يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمن يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها، وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ» 3: 145: أَيْ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُرِيدُ الدُّنْيَا، لَيْسَتْ لَهُ رَغْبَةٌ فِي الْآخِرَةِ، نُؤْتِهِ مِنْهَا مَا قُسِمَ لَهُ مِنْ رِزْقٍ، وَلَا يَعْدُوهُ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهُ