فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ فَصَرَعَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ وَلَمْ يُجْهَزْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: أَفَلَا أُجْهِزْتُ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: إنَّهُ اسْتَقْبَلَنِي بِعَوْرَتِهِ، فَعَطَفَتْنِي عَنْهُ الرَّحِمُ [1] ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَتَلَهُ. وَيُقَالُ: إنَّ أَبَا سَعْدِ [2] بْنِ أَبِي طَلْحَةَ خَرَجَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَنَادَى: [أَنَا قَاصِمٌ [3]] مَنْ يُبَارِزُ بِرَازًا، فَلَمْ يَخْرَجْ إلَيْهِ أَحَدٌ. فَقَالَ: يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، زَعَمْتُمْ أَنَّ قَتْلَاكُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَّ قَتْلَانَا فِي النَّار، كَذبْتُمْ وَاللات! لَوْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ حَقًّا لَخَرَجَ إلَيَّ بَعْضُكُمْ، فَخَرَجَ إلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ فَقَتَلَهُ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَتَلَ أَبَا سَعْدِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ [4] .
وَقَاتَلَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الْأَقْلَحِ، فَقَتَلَ مُسَافِعَ بْنَ طَلْحَةَ وَأَخَاهُ الْجُلَاسَ ابْن طَلْحَةَ، كِلَاهُمَا يَشْعُرُهُ [5] سَهْمًا، فَيَأْتِي أُمَّهُ سُلَافَةَ، فَيَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهَا فَتَقُولُ: يَا بُنَيَّ، مَنْ أَصَابَكَ؟ فَيَقُولُ: سَمِعْتُ رَجُلًا حِينَ رَمَانِي وَهُوَ يَقُولُ:
خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ أَبِي الْأَقْلَحِ. فَنَذَرْتُ إنْ أَمْكَنَهَا اللَّهُ مِنْ رَأْسِ عَاصِمٍ أَنْ تُشْرَبَ فِيهِ الْخَمْرُ، وَكَانَ عَاصِمٌ قَدْ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا، وَلَا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ يَوْمئِذٍ، وَهُوَ يَحْمِلُ لِوَاءَ الْمُشْرِكِينَ:
إنَّ عَلَى أَهْلِ اللِّوَاءِ حَقَّا ... أَنْ يَخْضِبُوا الصَّعْدَةَ أَوْ تَنْدَقَّا [6]
فَقَتَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.