وَجُنَادَةُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ. وَاسْمُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ: الْعَاصِ- قَالَ: وَزَمِيلِي؟

فَقَالَ لَهُ الْمُجَذَّرُ: لَا وَاَللَّهِ، مَا نَحْنُ بِتَارِكِي زَمِيلِكَ، مَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِكَ وَحْدَكَ، فَقَالَ: لَا وَاَللَّهِ، إذَنْ لَأَمُوتَنَّ أَنَا وَهُوَ جَمِيعًا، لَا تَتَحَدَّثُ عَنِّي نِسَاءُ مَكَّةَ أَنِّي تَرَكْتُ زَمِيلِي حِرْصًا عَلَى الْحَيَاةِ. فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ حِينَ نَازَلَهُ الْمُجَذَّرُ وَأَبَى إلَّا الْقِتَالَ، يَرْتَجِزُ:

لَنْ يُسْلِمَ ابْنُ حُرَّةَ زَمِيلَهُ ... حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَرَى سَبِيلَهُ

فَاقْتَتَلَا، فَقَتَلَهُ الْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ. وَقَالَ الْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ [1] فِي قَتْلِهِ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ:

إمَّا جَهِلْتَ أَوْ نَسِيتَ نَسَبِي ... فَأَثْبِتْ النِّسْبَةَ أَنِّي مَنْ بَلِيَ

الطَّاعِنِينَ بِرِمَاحِ الْيَزْنِيِّ ... وَالضَّارِبِينَ الْكَبْشَ حَتَّى يَنْحَنِيَ [2]

بَشِّرْ بِيُتْمِ مَنْ أَبُوهُ الْبَخْتَرِيِّ ... أَوْ بَشِّرْنَ بِمِثْلِهَا مِنِّي بَنِي

أَنَا الَّذِي يُقَالُ أَصْلِي مَنْ بَلِيَ ... أَطْعَنُ بِالصَّعْدَةِ حَتَّى تَنْثَنِيَ [3]

وَأَعْبِطْ الْقِرْنَ بِعَضْبِ مَشْرَفِيِّ ... أُرْزِمُ لِلْمَوْتِ كَإِرْزَامِ الْمَرِيِّ [4]

فَلَا تَرَى مُجَذَّرًا يَفْرِي فَرِيِّ [5]

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: «الْمَرِيُّ» عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ. وَالْمَرِيُّ [6] : النَّاقَةُ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ لَبَنُهَا عَلَى عُسْرٍ.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّ الْمُجَذَّرَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:

وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ جَهَدْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْسِرَ فَآتِيكَ بِهِ، (فَأَبَى) [7] إلَّا أَنْ يُقَاتِلَنِي، فَقَاتَلْتُهُ فَقَتَلْتُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015