قَالَ: وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَى الْإِسْلَامِ وَرَغَّبَهُمْ فِيهِ، وَحَذَّرَهُمْ عَذَابَ اللَّهِ وَنِقْمَتَهُ، فَقَالَ لَهُ رَافِعُ بْنُ خَارِجَةَ، وَمَالِكُ ابْن عَوْفٍ: بَلْ نَتْبَعُ يَا مُحَمَّدُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا، فَهُمْ كَانُوا أَعْلَمَ وَخَيْرًا مِنَّا.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا، أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ 2: 170.
(جَمْعُهُمْ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ) :
وَلَمَّا أَصَابَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ، حَيْنَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللَّهُ بِمِثْلِ مَا أَصَابَ بِهِ قُرَيْشًا، فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّدُ، لَا يَغِرُّنَّكَ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ، كَانُوا أَغْمَارًا [1] لَا يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ، إنَّكَ وَاَللَّهِ لَوْ قَاتَلْتنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ، وَأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ مِثْلَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ، قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا، فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأُخْرى كافِرَةٌ، يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ، وَالله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ 3: 12- 13.
قَالَ: وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ الْمِدْرَاسِ [2] عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ يَهُودَ، فَدَعَاهُمْ إلَى اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَالْحَارِثُ بْنُ زَيْدٍ: عَلَى أَيِّ دِينٍ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: عَلَى مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ وَدِينِهِ، قَالَا: فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ يَهُودِيًّا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَهَلُمَّ إلَى التَّوْرَاةِ، فَهِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ،