قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: سُخَامٌ [1] .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى مَا يَرَى مِنْ قَوْمِهِ، يَبْذُلُ لَهُمْ النَّصِيحَةَ، وَيَدْعُوهُمْ إلَى النَّجَاةِ مِمَّا هُمْ فِيهِ. وَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ، حِينَ مَنَعَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، يُحَذِّرُونَهُ النَّاسَ وَمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَرَبِ.
وَكَانَ الطُّفَيْلُ بْنُ [2] عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا، فَمَشَى إلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ الطُّفَيْلُ رَجُلًا شَرِيفًا شَاعِرًا لَبِيبًا، فَقَالُوا لَهُ: يَا طُفَيْلُ، إنَّكَ قَدِمْتَ بِلَادَنَا، وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَدْ أَعْضَلَ [3] بِنَا، وَقَدْ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتْ أَمْرَنَا، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كَالسِّحْرِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَبِيهِ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مَا قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا، فَلَا تُكَلِّمَنَّهُ وَلَا تَسْمَعَنَّ مِنْهُ شَيْئًا.
قَالَ: فو الله مَا زَالُوا بِي حَتَّى أَجْمَعْتُ أَنْ لَا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَا أُكَلِّمَهُ، حَتَّى حَشَوْتُ فِي أُذُنَيَّ حِينَ غَدَوْتُ إلَى الْمَسْجِدِ كُرْسُفًا [4] فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَأَنَا لَا أُرِيدُ أَنْ أَسْمَعَهُ. قَالَ: فَغَدَوْتُ إلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ. قَالَ: فَقُمْتُ مِنْهُ قَرِيبًا، فَأَبَى اللَّهُ إلَّا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِهِ. قَالَ: فَسَمِعْتُ كَلَامًا حَسَنًا. قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفسِي: