أَقْبَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ- قَالَتْ: وَكُنَّا نَلْقَى مِنْهُ الْبَلَاءَ أَذًى لَنَا وَشِدَّةً عَلَيْنَا- قَالَتْ: فَقَالَ: إنَّهُ لَلِانْطِلَاقُ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَتْ:

فَقُلْتُ: نَعَمْ وَاَللَّهِ، لَنَخْرُجَنَّ فِي أَرْضِ اللَّهِ، آذَيْتُمُونَا وَقَهَرْتُمُونَا، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ مَخْرَجًا [1] . قَالَتْ: فَقَالَ: صَحِبَكُمْ اللَّهُ، وَرَأَيْتُ لَهُ رِقَّةً لَمْ أَكُنْ أَرَاهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ أَحْزَنَهُ- فِيمَا أَرَى- خُرُوجُنَا. قَالَتْ: فَجَاءَ عَامِرٌ بِحَاجَتِهِ تِلْكَ، فَقُلْتُ لَهُ:

يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَ عُمَرَ آنِفًا وَرِقَّتَهُ وَحُزْنَهُ عَلَيْنَا. قَالَ: أَطَمِعْتِ فِي إسْلَامِهِ؟

قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا يُسْلِمُ الَّذِي رَأَيْتِ حَتَّى يُسْلِمَ حِمَارُ الْخَطَّابِ، قَالَتْ:

يَأْسًا مِنْهُ، لِمَا كَانَ يَرَى مِنْ غِلْظَتِهِ وَقَسْوَتِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ.

(حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ إسْلَامِ عُمَرَ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ إسْلَامُ عُمَرَ فِيمَا بَلَغَنِي أَنَّ أُخْتَهُ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْخَطَّابِ، وَكَانَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، وَكَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ بَعْلُهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَهُمَا مُسْتَخْفِيَانِ بِإِسْلَامِهِمَا مِنْ عُمَرَ، وَكَانَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّحَّامُ [2] ، رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَدْ أَسْلَمَ، وَكَانَ أَيْضًا يَسْتَخْفِي بِإِسْلَامِهِ فَرَقًا مِنْ قَوْمِهِ، وَكَانَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ [3] يَخْتَلِفُ إلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ الْخَطَّابِ يُقْرِئُهَا الْقُرْآنَ، فَخَرَجَ عُمَرُ يَوْمًا مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَهْطًا مِنْ أَصْحَابِهِ قَدْ ذُكِرُوا لَهُ أَنَّهُمْ قَدْ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتٍ عِنْدَ الصَّفَا، وَهُمْ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مَا بَيْنَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمُّهُ حَمْزَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015