قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ عُكَاشَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ أَنَّهُ حُدِّثَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ مَشَوْا إلَى هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ، حِينَ أَسْلَمَ أَخُوهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ (بْنِ الْمُغِيرَةِ) [1] ، وَكَانُوا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا فِتْيَةً مِنْهُمْ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا، مِنْهُمْ: سَلَمَةُ بْنُ هِشَامٍ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ. قَالَ: فَقَالُوا لَهُ:
وَخَشُوا شَرَّهُمْ: إنَّا قَدْ أَرَدْنَا أَنْ نُعَاتِبَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةِ عَلَى هَذَا الدِّينِ الَّذِي أَحْدَثُوا، فَإِنَّا نَأْمَنُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِهِمْ [2] . قَالَ: هَذَا، فَعَلَيْكُمْ بِهِ، فَعَاتِبُوهُ وَإِيَّاكُمْ وَنَفْسَهُ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
أَلَا لَا يُقْتَلَنَّ أَخِي عُيَيْسٍ [3] ... فَيَبْقَى بَيْنَنَا أَبَدًا تَلَاحِي
احْذَرُوا عَلَى نَفْسِهِ، فَأُقْسِمُ اللَّهَ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ لَأَقْتُلَنَّ أَشْرَفَكُمْ رَجُلًا. قَالَ: فَقَالُوا:
اللَّهمّ الْعَنْهُ، مَنْ يُغَرِّرُ بِهَذَا الحَدِيث [4] ، فو الله لَوْ أُصِيبَ فِي أَيْدِينَا لَقُتِلَ أَشْرَفُنَا رَجُلًا. (قَالَ) [1] ، فَتَرَكُوهُ وَنَزَعُوا عَنْهُ. قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا دَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُمْ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ [5] : فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُصِيبُ أَصْحَابَهُ مِنْ الْبَلَاءِ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعَافِيَةِ، بِمَكَانِهِ مِنْ اللَّهِ وَمِنْ [6] عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ الْبَلَاءِ، قَالَ لَهُمْ: لَوْ خَرَجْتُمْ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا