فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ عَمَّتُهُ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَهِيَ يَوْمئِذٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهَا: اخْتَارِي يَا عَمَّةُ أَيَّ هَؤُلَاءِ الْغِلْمَانِ شِئْتِ فَهُوَ لَكَ، فَاخْتَارَتْ زَيْدًا فَأَخَذَتْهُ، فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا، فَاسْتَوْهَبَهُ مِنْهَا، فَوَهَبَتْهُ لَهُ، فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَبَنَّاهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إلَيْهِ.

(شِعْرُ حَارِثَةَ حِينَ فَقَدْ ابْنَهُ زَيْدًا، وَقُدُومُهُ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ رَدَّهُ عَلَيْهِ) :

وَكَانَ أَبُوهُ حَارِثَةُ قَدْ جَزِعَ عَلَيْهِ جَزَعًا شَدِيدًا، وَبَكَى عَلَيْهِ حِينَ فَقَدَهُ، فَقَالَ:

بَكَيْتُ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ أَدْرِ مَا فَعَلْ ... أَحَيٌّ فَيُرْجَى أَمْ أَتَى دونه الْأَجَل

فو الله مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَسَائِلٌ ... أَغَالَكَ بَعْدِي السَّهْلُ أَمْ غَالَكَ الْجَبَلْ [1]

وَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لَكَ الدَّهْرُ أَوْبَةٌ ... فَحَسْبِي مِنْ الدُّنْيَا رُجُوعُكَ لِي بَجَلْ [2]

تُذَكِّرْنِيهِ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا ... وَتَعْرِضُ ذِكْرَاهُ إذَا غَرْبُهَا أَفَلْ [3]

وَإِنْ هَبَّتْ الْأَرْوَاحُ هَيَّجْنَ ذِكْرَهُ ... فَيَا طُولَ مَا حُزْنِي عَلَيْهِ وَمَا وَجَلْ [4]

سَأُعْمِلُ نَصَّ الْعِيسِ فِي الْأَرْضِ جَاهِدًا ... وَلَا أُسْأَمُ التَّطْوَافَ أَوْ تَسْأَمُ الْإِبِلْ [5]

حَيَاتِي أَوْ تَأْتِي عَلَيَّ مَنِيَّتِي ... فَكُلُّ امْرِئٍ فَانٍ وَإِنْ غَرَّهُ الْأَمَلُ [6]

ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنْ شِئْتَ فَأَقِمْ عِنْدِي، وَإِنْ شِئْتَ فَانْطَلِقْ مَعَ أَبِيكَ، فَقَالَ: بَلْ أُقِيمُ عِنْدَكَ. فَلَمْ يَزَلْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ فَصَدَّقَهُ [7] وَأَسْلَمَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015