مَا سَمِعْتُ صَوْتًا قَطُّ أَنْفَذَ مِنْهُ، وَذَلِكَ قُبَيْلَ الْإِسْلَامِ بِشَهْرٍ أَوْ شَيْعِهِ، يَقُولُ:

يَا ذَرِيحُ [1] ، أَمْرٌ نَجِيحٌ، رَجُلٌ يَصِيحُ، يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: رَجُلٌ يَصِيحُ، بِلِسَانٍ فَصِيحٍ، يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.

وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ:

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَإِبْلَاسِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَحْلَاسِهَا

تَهْوِي إلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَأَنْجَاسِهَا

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَهَذَا مَا بَلَغَنَا مِنْ الْكُهَّانِ مِنْ الْعَرَب.

إنذار يهود بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(إنْذَارُ الْيَهُودِ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمَّا بُعِثَ كَفَرُوا بِهِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ [2] بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالُوا [3] : إنَّ مِمَّا دَعَانَا إلَى الْإِسْلَامِ، مَعَ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَدَاهُ لَنَا، لَمَا كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ رِجَالِ يَهُودَ، (وَ) [3] كُنَّا أَهْلَ شِرْكٍ أَصْحَابَ أَوَثَانٍ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، عِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَيْسَ لَنَا، وَكَانَتْ لَا تَزَالُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ شُرُورٌ، فَإِذَا نِلْنَا مِنْهُمْ بَعْضَ مَا يَكْرَهُونَ، قَالُوا لَنَا: إنَّهُ (قَدْ) [3] تَقَارَبَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ الْآنَ نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمٍ فَكُنَّا كَثِيرًا مَا نَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ. فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَبْنَاهُ، حِينَ دَعَانَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَعَرَفْنَا مَا كَانُوا يَتَوَعَّدُونَنَا بِهِ، فَبَادَرْنَاهُمْ إلَيْهِ، فَآمَنَّا بِهِ، وَكَفَرُوا بِهِ، فَفِينَا وَفِيهِمْ نَزَلَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ مِنْ الْبَقَرَةِ: وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ، وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا، فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ، فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ 2: 89.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015