إذَا سَافَرَ فَنَزَلَ بَطْنَ وَادٍ مِنْ الْأَرْضِ لِيَبِيتَ فِيهِ، قَالَ: إنِّي أَعُوذُ بِعَزِيزِ هَذَا الْوَادِي مِنْ الْجِنِّ اللَّيْلَةَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: الرَّهَقُ: الطُّغْيَانُ وَالسَّفَهُ. قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
إذْ تَسْتَبِي الْهَيَّامَةُ الْمُرَهَّقَا
[1] وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ. وَالرَّهَقُ أَيْضًا: طَلَبُكَ الشَّيْءِ حَتَّى تَدْنُوَ مِنْهُ، فَتَأْخُذُهُ أَوْ لَا تَأْخُذُهُ. قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ حَمِيرِ وَحْشٍ:
بَصْبَصْنَ [2] وَاقْشَعْرَرْنَ مِنْ خَوْفِ الرَّهَقِ
وَهَذَا الْبَيْت فِي أجوزة لَهُ. وَالرَّهَقُ أَيْضًا: مَصْدَرٌ لِقَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: رَهِقْتُ الْإِثْمَ أَوْ الْعُسْرَ، الَّذِي أَرْهَقَتْنِي رَهَقًا شَدِيدًا، أَيْ حَمَلْتُ الْإِثْمَ أَوْ الْعُسْرَ الَّذِي حَمَلَتْنِي حَمْلًا شَدِيدًا، وَفِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً 18: 80.
وَقَوْلُهُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً 18: 73.
(فَزَعُ ثَقِيفٍ مِنْ رَمْيِ الْجِنّ بالنجوم، وسؤاله عَمْرِو بْنِ أُمِّيَّةَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ [3] بْنُ عُتْبَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ أَوَّلَ الْعَرَبِ فَزِعَ لِلرَّمْيِ بِالنُّجُومِ حَيْنَ رُمِيَ بِهَا، هَذَا الْحَيُّ مِنْ ثَقِيفٍ، وَأَنَّهُمْ جَاءُوا إلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمِّيَّةَ، أَحَدُ بَنِي عِلَاجٍ- قَالَ: وَكَانَ أَدْهَى الْعَرَبِ وَأَنْكَرَهَا [4] رَأْيًا- فَقَالُوا لَهُ: يَا عَمْرُو: أَلَمْ تَرَ مَا حَدَثَ فِي السَّمَاءِ مِنْ الْقَذْفِ بِهَذِهِ النُّجُومِ؟ قَالَ: بَلَى، فَانْظُرُوا، فَإِنْ كَانَتْ مَعَالِمَ النُّجُومِ [5] الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَتُعْرَفُ بِهَا الْأَنْوَاءُ مِنْ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ، لِمَا يُصْلِحُ النَّاسَ