(مَا زَادَتْهُ الْعَرَبُ فِي الْحُمْسِ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ ابْتَدَعُوا فِي ذَلِكَ أُمُورًا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ، حَتَّى قَالُوا: لَا يَنْبَغِي لِلْحُمْسِ أَنْ يَأْتَقِطُوا الْأَقِطَ [1] ، وَلَا يَسْلَئُوا [2] السَّمْنَ وَهُمْ حُرُمٌ، وَلَا يَدْخُلُوا بَيْتًا مِنْ شَعَرٍ، وَلَا يَسْتَظِلُّوا إنْ اسْتَظَلُّوا إلَّا فِي بُيُوتِ الْأَدَمِ [3] مَا كَانُوا حُرُمًا، ثُمَّ رَفَعُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالُوا: لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْحِلِّ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ طَعَامٍ جَاءُوا بِهِ مَعَهُمْ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ، إذَا جَاءُوا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا، وَلَا يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ إذَا قَدِمُوا أَوَّلَ طَوَافِهِمْ إلَّا فِي ثِيَابِ الْحُمْسِ، فَإِنَّ لَمْ يَجِدُوا مِنْهَا شَيْئًا طَافُوا بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَإِنْ تَكَرَّمَ مِنْهُمْ مُتَكَرِّمٌ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ، وَلَمْ يَجِدْ ثِيَابَ الْحُمْسِ، فَطَافَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي جَاءَ بِهَا مِنْ الْحِلِّ، أَلْقَاهَا إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا، وَلَمْ يَمَسَّهَا هُوَ، وَلَا أَحَدٌ غَيْرُهُ أَبَدًا.

(اللَّقَى عِنْدَ الْحُمْسِ وَشِعْرٌ فِيهِ) :

فَكَانَتْ الْعَرَبُ تُسَمِّي تِلْكَ الثِّيَابَ اللَّقَى [4] . فَحَمَلُوا عَلَى ذَلِكَ الْعَرَبَ، فَدَانَتْ بِهِ. وَوَقَفُوا عَلَى عرفَاتٍ، وَأَفَاضُوا مِنْهَا، وَطَافُوا بِالْبَيْتِ عُرَاةً: أَمَّا الرِّجَالُ فَيَطُوفُونَ عُرَاةً، وأمّا النِّسَاء فضع إحْدَاهُنَّ ثِيَابَهَا كُلَّهَا إلَّا دِرْعًا مُفَرَّجًا [5] عَلَيْهَا، ثُمَّ تَطُوفُ فِيهِ. فَقَالَتْ امْرَأَةٌ [6] مِنْ الْعَرَبِ، وَهِيَ كَذَلِكَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ:

الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ ... وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015