وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تسمّى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قبل أَن ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي: الْأمين. فَلَمَّا فرغوا من الْبُنيان، وبنوها على مَا أَرَادوا، قَالَ الزّبير بن عبد الْمطلب، فِيمَا كَانَ من أَمر الحيّة الَّتِي كَانَت قُرَيْشٌ تَهَابُ بُنْيَانَ الْكَعْبَةِ لَهَا:
عَجِبْتُ لِمَا تَصَوَّبَتْ الْعُقَابُ ... إلَى الثُّعْبَانِ وَهِيَ لَهَا اضْطِرَابُ
وَقَدْ كَانَتْ يَكُونُ لَهَا كَشِيشٌ ... وَأَحْيَانًا يَكُونُ لَهَا وِثَابُ [1]
إذَا قُمْنَا إلَى التَّأْسِيسِ شَدَّتْ ... تُهَيِّبُنَا الْبِنَاءَ وَقَدْ تُهَابُ
فَلَمَّا أَنَّ خَشِينَا الرِّجْزَ [2] جَاءَتْ ... عُقَابٌ تَتْلَئِبُّ [3] لَهَا انْصِبَابُ
فَضَمَّتْهَا إلَيْهَا ثُمَّ خَلَّتْ ... لَنَا الْبُنْيَانَ لَيْسَ لَهُ حِجَابُ
فَقُمْنَا حَاشِدِينَ إلَى بِنَاءٍ ... لَنَا مِنْهُ الْقَوَاعِدُ وَالتُّرَابُ
غَدَاةَ نَرْفَعُ التَّأْسِيسَ مِنْهُ ... وَلَيْسَ عَلَى مُسَوِّينَا [4] ثِيَابُ [5]
أَعَزَّ بِهِ الْمَلِيكُ بَنِي لُؤَيٍّ ... فَلَيْسَ لِأَصْلِهِ مِنْهُمْ ذَهَابُ
وَقَدْ حَشَدَتْ هُنَاكَ بَنُو عَدِيٍّ ... وَمُرَّةُ قَدْ تَقَدَّمَهَا كِلَابُ
فَبَوَّأَنَا [6] الْمَلِيكُ بِذَاكَ عِزًّا ... وَعِنْدَ اللَّهِ يُلْتَمَسُ الثَّوَابُ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى:
وَلَيْسَ عَلَى مَسَاوِينَا [7] ثِيَابُ
وَكَانَتِ الْكَعْبَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانِي عَشْرَةَ ذِرَاعًا،