وَإِنَّمَا كَانَتْ رَضْمًا [1] فَوْقَ الْقَامَةِ، فَأَرَادُوا رَفْعَهَا وَتَسْقِيفَهَا [2] ، وَذَلِكَ أَنَّ نَفَرًا سَرَقُوا كَنْزًا لِلْكَعْبَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ فِي بِئْرٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ الَّذِي وُجِدَ عِنْدَهُ الْكَنْزُ دُوَيْكًا [3] مَوْلًى لِبَنِي مُلَيْحِ بْنِ عَمْرِو مِنْ خُزَاعَةَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَقَطَعَتْ قُرَيْشٌ يَدَهُ. وَتُزْعِمُ قُرَيْشٌ أَنَّ الَّذِينَ سَرَقُوهُ وَضَعُوهُ عِنْدَ دُوَيْكٍ. وَكَانَ الْبَحْرُ قَدْ رَمَى بِسَفِينَةٍ إلَى جُدَّةَ لِرَجُلٍ مِنْ تُجَّارِ الرُّومِ، فَتَحَطَّمَتْ، فَأَخَذُوا خَشَبَهَا، فَأَعَدُّوهُ لِتَسْقِيفِهَا، وَكَانَ بِمَكَّةَ رَجُلٌ [4] قِبْطِيٌّ نَجَّارٌ، فَتَهَيَّأَ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ بَعْضُ مَا يُصْلِحُهَا. وَكَانَتْ حَيَّةً تَخْرَجُ مِنْ بِئْرِ الْكَعْبَةِ الَّتِي كَانَ يُطْرَحُ فِيهَا مَا يُهْدَى لَهَا كُلَّ يَوْمٍ، فَتَتَشَرَّقُ [5] عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ، وَكَانَتْ مِمَّا يَهَابُونَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَدْنُو مِنْهَا أَحَدٌ إلَّا احْزَأَلَّتْ وَكَشَّتْ [6] وَفَتَحَتْ فَاهَا، وَكَانُوا يَهَابُونَهَا. فَبَيْنَا هِيَ ذَاتُ يَوْمٍ تَتَشَرَّقُ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ، كَمَا كَانَتْ تَصْنَعُ، بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا طَائِرًا فَاخْتَطَفَهَا، فَذَهَبَ بِهَا، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: إنَّا لَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ رَضِيَ مَا أَرَدْنَا، عِنْدَنَا عَامِلٌ رَفِيقٌ، وَعِنْدَنَا خَشَبٌ، وَقَدْ كَفَانَا اللَّهُ الْحَيَّةَ.