ابْن عَمْرِو [1] بْنِ مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ: وَاَللَّهِ لَا تَذْبَحُهُ أَبَدًا حَتَّى تُعْذِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ فِدَاؤُهُ بِأَمْوَالِنَا فَدَيْنَاهُ. وَقَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ وَبَنُوهُ:
لَا تَفْعَلْ، وَانْطَلِقْ بِهِ إلَى الْحِجَازِ، فَإِنَّ بِهِ عَرَّافَةً [2] لَهَا تَابِعٌ، فَسَلْهَا، ثُمَّ أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ، إنْ أَمَرَتْكَ بِذَبْحِهِ ذَبَحْتَهُ، وإنْ أَمَرَتْكَ بِأَمْرٍ لَكَ وَلَهُ فِيهِ فَرَجٌ قَبِلْتُهُ.
فَانْطَلَقُوا حَتَّى قدمُوا الْمَدِينَة، فوجودها- فِيمَا يَزْعُمُونَ- بِخَيْبَرِ. فَرَكِبُوا حَتَّى جَاءُوهَا، فَسَأَلُوهَا، وَقَصَّ عَلَيْهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَبَرَهُ وَخَبَرَ ابْنِهِ، وَمَا أَرَادَ بِهِ وَنَذْرَهُ فِيهِ، فَقَالَتْ لَهُمْ: ارْجِعُوا عَنِّي الْيَوْمَ حَتَّى يَأْتِيَنِي تَابِعِي فَأَسْأَلُهُ. فَرَجَعُوا مِنْ عِنْدِهَا، فَلَمَّا خَرَجُوا عَنْهَا، قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ، ثُمَّ غَدَوْا عَلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُمْ: قَدْ جَاءَنِي الْخَبَرُ، كَمْ الدِّيَةُ فِيكُمْ؟ قَالُوا: عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَكَانَتْ كَذَلِكَ [3] .
قَالَتْ: فَارْجِعُوا إلَى بِلَادِكُمْ، ثُمَّ قَرِّبُوا صَاحِبَكُمْ، وَقَرِّبُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ، ثُمَّ اضْرِبُوا عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ بِالْقِدَاحِ [4] ، فَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى صَاحِبِكُمْ فَزِيدُوا مِنْ الْإِبِلِ حَتَّى يَرْضَى رَبُّكُمْ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَلَى الْإِبِلِ فَانْحَرُوهَا عَنْهُ، فَقَدْ رَضِيَ رَبُّكُمْ، وَنَجَا صَاحِبُكُمْ.
فَخَرَجُوا حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَلَمَّا أَجَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ، قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ، ثُمَّ قَرَّبُوا عَبْدَ اللَّهِ وَعَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ، وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ قَائِمٌ عِنْدَ هُبَلَ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ ضَرَبُوا فَخَرَجَ الْقِدْحُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَزَادُوا عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ، فَبَلَغَتْ الْإِبِلُ عِشْرِينَ، وَقَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ يَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ ضَرَبُوا