قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ هَلَكَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ بِغَزَّةَ [1] مِنْ أَرْضِ الشَّامِ تَاجِرًا، فَوَلِيَ السِّقَايَةَ وَالرِّفَادَةَ مِنْ بَعْدِهِ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ أَصْغَرَ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمٍ، وَكَانَ ذَا شَرَفٍ فِي قَوْمِهِ وَفَضْلٍ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ إنَّمَا تُسَمِّيهِ الْفَيْضَ لِسَمَاحَتِهِ وَفَضْلِهِ.
وَكَانَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَتَزَوَّجَ سَلْمَى بِنْتَ عَمْرٍو أَحَدِ بَنِي عَدِيِّ ابْن النَّجَّارِ [2] ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ بْنِ الْحَرِيشِ [3] . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَيُقَالُ: الْحَرِيسُ- ابْنُ جَحْجَبِي بْنِ كُلْفَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ ابْن الْأَوْسِ. فَوَلَدَتْ لَهُ عَمْرَو بْنَ أُحَيْحَةَ، وَكَانَتْ لَا تَنْكِحُ الرِّجَالَ لِشَرَفِهَا فِي قَوْمِهَا حَتَّى يَشْتَرِطُوا لَهَا أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، إذَا كَرِهَتْ رَجُلًا فَارَقَتْهُ.
فَوَلَدَتْ لِهَاشِمِ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، فَسَمَّتْهُ شَيْبَةَ [4] . فَتَرَكَهُ هَاشِمٌ عِنْدَهَا حَتَّى كَانَ وَصِيفًا [5] أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْهِ عَمُّهُ الْمُطَّلِبُ لِيَقْبِضَهُ فَيُلْحِقَهُ بِبَلَدِهِ وَقَوْمِهِ، فَقَالَتْ لَهُ سَلْمَى: لَسْتُ بِمُرْسَلَتِهِ مَعَكَ، فَقَالَ لَهَا الْمُطَّلِبُ: إنِّي غَيْرُ مُنْصَرَفٍ حَتَّى