إلَيْهِ الْحِجَابَةُ [1] ، وَالسِّقَايَةُ [2] ، وَالرِّفَادَةُ [3] ، وَالنَّدْوَةُ [4] ، وَاللِّوَاءُ [5] ، فَحَازَ شَرَفَ مَكَّةَ كُلَّهُ. وَقَطَعَ مَكَّةَ رِبَاعًا بَيْنَ قَوْمِهِ، فَأَنْزَلَ كُلَّ قَوْمٍ مِنْ قُرَيْشٍ مَنَازِلَهُمْ مِنْ مَكَّةَ الَّتِي أَصْبَحُوا عَلَيْهَا، وَيَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّ قُرَيْشًا هَابُوا قَطْعَ شَجَرِ الْحَرَمِ فِي مَنَازِلِهِمْ فَقَطَعَهَا قُصَيٌّ بِيَدِهِ وَأَعْوَانِهِ [6] ، فَسَمَّتْهُ قُرَيْشٌ مُجَمِّعًا لِمَا جَمَعَ مِنْ أَمْرِهَا، وَتَيَمَّنَتْ بِأَمْرِهِ، فَمَا تُنْكَحُ امْرَأَةٌ، وَلَا يَتَزَوَّجُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَمَا يَتَشَاوَرُونَ فِي أَمْرٍ نَزَلَ بِهِمْ، وَلَا يَعْقِدُونَ لِوَاءً لِحَرْبِ قَوْمٍ مِنْ غَيْرِهِمْ إلَّا فِي دَارِهِ، يَعْقِدُهُ لَهُمْ بَعْضُ وَلَدِهِ، وَمَا تَدَّرِعُ [7] جَارِيَةٌ إذَا بَلَغَتْ أَنْ تَدَّرِعَ مِنْ قُرَيْشٍ إلَّا فِي دَارِهِ، يَشُقُّ عَلَيْهَا فِيهَا دِرْعَهَا ثُمَّ تَدَّرِعُهُ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ بِهَا إلَى أَهْلِهَا. فَكَانَ أَمْرُهُ فِي قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ فِي حَيَاتِهِ، وَمِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، كَالدِّينِ الْمُتَّبِعِ لَا يُعْمَلُ بِغَيْرِهِ. وَاِتَّخَذَ لِنَفْسِهِ دَارَ النَّدْوَةِ وَجَعَلَ بَابَهَا إلَى مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ، فَفِيهَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَقْضِي أُمُورَهَا.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَالَ الشَّاعِرُ: