عَزِيزٌ عَلَيْهِ أَنْ يَجُورُوا عَنْ الْهُدَى ... حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَسْتَقِيمُوا وَيَهْتَدُوا
عَطُوفٌ عَلَيْهِمْ لَا يُثَنَّى جُنَاحَهُ ... إلَى كَنَفٍ يَحْنُو عَلَيْهِمْ وَيَمْهَدُ [1]
فَبَيْنَا هُمْ فِي ذَلِكَ النُّورِ إذْ غَدَا ... إلَى نُورِهِمْ سَهْمٌ مِنْ الْمَوْتِ مُقْصِدُ [2]
فَأَصْبَحَ مَحْمُودًا إلَى اللَّهِ رَاجِعًا ... يُبَكِّيهِ حَقُّ الْمُرْسَلَاتِ وَيُحْمَدُ [3]
وَأَمْسَتْ بِلَادُ الْحُرْمِ وَحْشًا بِقَاعُهَا ... لِغَيْبَةِ مَا كَانَتْ مِنْ الْوَحْيِ تُعْهَدُ [4]
قِفَارًا سِوَى مَعْمُورَةِ اللَّحْدِ ضَافَهَا ... فَقِيدٌ يُبَكِّينَهُ بَلَاطٌ وَغَرْقَدُ [5]
وَمَسْجِدُهُ فَالْمُوحِشَاتُ لِفَقْدِهِ ... خَلَاءٌ لَهُ فِيهِ مَقَامٌ وَمَقْعَدُ
وَبِالْجَمْرَةِ الْكُبْرَى لَهُ ثَمَّ أَوْحَشَتْ ... دِيَارٌ وَعَرَصَاتٌ وَرَبْعٌ وَمَوْلِدُ [6]
فَبَكِّي رَسُولَ اللَّهِ يَا عَيْنُ عَبْرَةً ... وَلَا أَعْرِفَنَّكِ الدَّهْرَ دمعك يجمد
وَمَالك لَا تَبْكِينَ ذَا النِّعْمَةِ الَّتِي ... عَلَى النَّاسِ مِنْهَا سَابِغٌ يُتَغَمَّدُ [7]
فَجُودِي عَلَيْهِ بِالدُّمُوعِ وَأَعْوِلِي ... لِفَقْدِ الَّذِي لَا مِثْلُهُ الدَّهْرَ يُوجَدُ [8]
وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُحَمَّدٍ ... وَلَا مِثْلُهُ حَتَّى الْقِيَامَةِ يُفْقَدُ
أَعَفَّ وَأَوْفَى ذِمَّةً بَعْدَ ذِمَّةٍ ... وَأَقْرَبَ مِنْهُ نَائِلًا لَا يُنَكَّدُ [9]
وَأَبْذَلَ مِنْهُ لِلطَّرِيفِ وَتَالِدٍ ... إذَا ضَنَّ مِعْطَاءٌ بِمَا كَانَ يُتْلَدُ [10]
وَأَكْرَمَ صِيتًا فِي الْبُيُوتِ إذَا انْتَمَى ... وَأَكْرَمَ جَدًّا أَبْطَحِيًّا يُسَوَّدُ [11]