قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ بَيْتَهُ، وَتَتَامَّ بِهِ وَجَعُهُ، حَتَّى غُمِرَ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَاجْتَمَعَ إلَيْهِ نِسَاءٌ مِنْ نِسَائِهِ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَمَيْمُونَةُ، وَنِسَاءٌ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ، مِنْهُنَّ أَسَمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَعِنْدَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ، فَأَجْمَعُوا أَنْ يَلُدُّوهُ [1] ، وَقَالَ الْعَبَّاسُ: لَأَلُدَّنَّهُ. قَالَ: فَلَدُّوهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ صَنَعَ هَذَا بِي؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَمُّكَ، قَالَ:
هَذَا دَوَاءٌ أَتَى بِهِ نِسَاءٌ جِئْنَ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْأَرْضِ، وَأَشَارَ نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، قَالَ:
وَلِمَ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ: خَشِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ بِكَ ذَاتُ الْجَنْبِ، فَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِيَقْذِفَنِي بِهِ، لَا يَبْقَ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إلَّا لُدَّ إلَّا عَمِّي، فَلَقَدْ لُدَّتْ مَيْمُونَةُ وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ، لِقَسَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عُقُوبَةً لَهُمْ بِمَا صَنَعُوا بِهِ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيهِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَبَطْتُ وَهَبَطَ النَّاسُ مَعِي إلَى الْمَدِينَةِ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أُصْمِتَ فَلَا يَتَكَلَّمُ، فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إلَى السَّمَاءِ ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَيَّ، فَأَعْرِفُ أَنَّهُ يَدْعُو لِي.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مَا أَسْمَعُهُ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْبِضْ نَبِيًّا حَتَّى يُخَيِّرْهُ. قَالَتْ: فَلَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ آخِرُ كَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا وَهُوَ يَقُولُ: بَلْ الرَّفِيقُ الْأَعْلَى [2] مِنْ الْجَنَّةِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: