صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَ النَّاسِ إلَّا بِهَا، فَلِمَ تَنْهَانِي عَنْهَا؟ قَالَ: إنَّكَ إنَّمَا اسْتَجْهَدْتَنِي لِأَجْهَدَ لَكَ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ: إنْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الدِّينِ، فَجَاهَدَ عَلَيْهِ حَتَّى دَخَلَ النَّاسُ فِيهِ طَوْعًا وَكَرْهًا، فَلَمَّا دَخَلُوا فِيهِ كَانُوا عُوَاذَ اللَّهِ وَجِيرَانَهُ، وَفِي ذِمَّتِهِ، فَإِيَّاكَ لَا تُخْفِرْ اللَّهَ [1] فِي جِيرَانِهِ، فَيُتْبِعَكَ اللَّهُ خَفْرَتَهُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ يُخْفَرُ فِي جَارِهِ، فَيَظِلَّ نَاتِئًا عَضَلَهُ [2] ، غَضَبًا لِجَارِهِ أَنْ أُصِيبَتْ لَهُ شَاةٌ أَوْ بَعِيرٌ، فاللَّه أَشَدُّ غَضَبًا لِجَارِهِ. قَالَ: فَفَارَقْتُهُ عَلَى ذَلِكَ.

قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُمِّرَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّاسِ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَمْ تَكُ نَهَيْتَنِي عَنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: بَلَى، وَأَنَا الْآنَ أَنَهَاكَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا حَمْلُكَ عَلَى أَنْ تَلِيَ أَمْرَ النَّاسِ؟ قَالَ: لَا أَجِدُ مِنْ ذَلِكَ بُدًّا، خَشِيتُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفُرْقَةَ.

(تَقْسِيمُ عَوْفٍ الْأَشْجَعِيِّ الْجَزُورَ بَيْنَ قَوْمٍ) :

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ حُدِّثَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْغَزَاةِ الَّتِي بَعَثَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إلَى ذَاتِ السَّلَاسِلِ، قَالَ: فَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَمَرَرْتُ بِقَوْمِ عَلَى جَزُورٍ لَهُمْ قَدْ نَحَرُوهَا، وَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُعْضُوهَا [3] ، قَالَ: وَكُنْتُ امْرَأً لَبِقًا [4] جَازِرًا، قَالَ: فَقُلْتُ: أَتُعْطُونَنِي مِنْهَا عَشِيرًا [5] عَلَى أَنْ أَقَسَمَهَا بَيْنَكُمْ؟

قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَأَخَذْتُ الشَّفْرَتَيْنِ، فَجَزَّأْتهَا مَكَانِي، وَأَخَذْتُ مِنْهَا جُزْءًا، فَحَمَلْتُهُ إلَى أَصْحَابِي، فَاطَّبَخْنَاهُ فَأَكَلْنَاهُ. فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:

أَنَّى لَكَ هَذَا اللَّحْمُ يَا عَوْفُ؟ قَالَ: فَأَخْبَرْتهمَا خَبَرَهُ، فَقَالَا: وَاَللَّهِ مَا أَحْسَنْتُ حِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015