لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّكَ بَعَثْتنِي إلَى بَنِي الْحَارِثِ ابْن كَعْبٍ، وَأَمَرْتنِي إذَا أَتَيْتهمْ أَلَّا أُقَاتِلَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَنْ أَدْعُوَهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَسْلَمُوا أَقَمْتُ فِيهِمْ [1] ، وَقَبِلْتُ مِنْهُمْ، وَعَلَّمْتهمْ مَعَالِمَ الْإِسْلَامِ وَكِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا قَاتَلْتهمْ. وَإِنِّي قَدِمْتُ عَلَيْهِمْ فَدَعَوْتهمْ إلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعَثْتُ فِيهِمْ رُكْبَانًا، قَالُوا:
يَا بَنِي الْحَارِثِ، أَسَلِمُوا تُسْلَمُوا، فَأَسْلَمُوا وَلَمْ يُقَاتِلُوا، وَأَنَا مُقِيمٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، آمُرُهُمْ بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ وَأَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمْ اللَّهُ عَنْهُ، وَأُعَلِّمُهُمْ مَعَالِمَ الْإِسْلَامِ وَسُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَكْتُبَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ كِتَابَكَ جَاءَنِي مَعَ رَسُولِكَ تُخْبِرُ أَنَّ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ قَدْ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ تُقَاتِلَهُمْ، وَأَجَابُوا إلَى مَا دَعَوْتهمْ إلَيْهِ مِنْ الْإِسْلَامِ، وَشَهِدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ قَدْ هَدَاهُمْ اللَّهُ بِهُدَاهُ، فَبَشِّرْهُمْ وَأَنْذِرْهُمْ، وَأَقْبِلْ وَلْيُقْبِلْ مَعَكَ وَفْدُهُمْ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَأَقْبَلَ خَالِدٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلَ مَعَهُ وَفْدُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، مِنْهُمْ قَيْسُ بْنُ الْحُصَيْنِ ذِي الْغُصَّةِ [2] ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَدَانِ، وَيَزِيدُ بْنُ الْمُحَجَّلِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرَادٍ الزِّيَادِيُّ، وَشَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَنَانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضَّبَابِيُّ [3] .