اللَّهمّ أَعِنْهُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَلَمَّا دَنَا أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، دَخَلَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ عُمْرِيَّةٌ [1] مِنْ شَجَرِ الْعُشَرِ [2] ، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَلُوذُ بِهَا مِنْ صَاحِبِهِ، كَلَّمَا لَاذَ بِهَا مِنْهُ اقْتَطَعَ صَاحِبُهُ بِسَيْفِهِ مَا دُونَهُ مِنْهَا، حَتَّى بَرَزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، وَصَارَتْ بَيْنَهُمَا كَالرَّجُلِ الْقَائِمِ، مَا فِيهَا فَنَنٌ، ثُمَّ حَمَلَ مَرْحَبٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَضَرَبَهُ، فَاتَّقَاهُ بِالدَّرَقَةِ، فَوَقَعَ سَيْفُهُ فِيهَا، فَعَضَّتْ بِهِ فَأَمْسَكَتْهُ، وَضَرَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ حَتَّى قَتَلَهُ.
(مَقْتَلُ يَاسِرٍ أَخِي مَرْحَبٍ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَرْحَبٍ أَخُوهُ يَاسِرٌ، وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ يُبَارِزُ؟
فَزَعَمَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ خَرَجَ إلَى يَاسِرٍ، فَقَالَتْ أُمُّهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: يَقْتُلُ ابْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: بَلْ ابْنُكَ يَقْتُلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. فَخَرَجَ الزُّبَيْرُ فَالْتَقَيَا، فَقَتَلَهُ الزُّبَيْرُ. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ إذَا قِيلَ لَهُ: وَاَللَّهِ إنْ كَانَ سَيْفُكَ يَوْمَئِذٍ لَصَارِمًا عَضْبًا، قَالَ: وَاَللَّهِ مَا كَانَ صَارِمًا، وَلَكِنِّي أَكْرَهْتُهُ.
(شَأْنُ عَلِيٍّ يَوْمَ خَيْبَرَ) :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ فَرْوَةَ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرَايَتِهِ، وَكَانَتْ بَيْضَاءَ، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ، إلَى بَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ، فَقَاتَلَ، فَرَجَعَ وَلَمْ يَكُ فَتْحٌ، وَقَدْ جَهَدَ، ثُمَّ بَعَثَ الْغَدَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَاتَلَ، ثُمَّ رَجَعَ وَلَمْ يَكُ فَتَحَ، وَقَدْ جَهَدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ. قَالَ: يَقُولُ سَلَمَةُ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَرْمَدُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ، ثُمَّ قَالَ: خُذْ هَذِهِ الرَّايَةَ، فَامْضِ بِهَا حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ.