ابْن الْمُغِيرَةِ، وَسَلَمَةَ بْنِ هِشَامٍ، وَعَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَأَبِي جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ، وَأَشْبَاهِهِمْ.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ، حَمِيَّةَ، الْجاهِلِيَّةِ 48: 26 يَعْنِي سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو حِينَ حَمِيَ أَنْ يَكْتُبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى 48: 26، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا: أَيْ التَّوْحِيدُ، شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا 48: 27: أَيْ لِرُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي رَأَى، أَنَّهُ سَيَدْخُلُ مَكَّةَ آمِنًا لَا يَخَافُ، يَقُولُ: مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ، وَمُقَصِّرِينَ مَعَهُ لَا تَخَافُونَ، فَعَلِمَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا، فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا، صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ.
يَقُولُ الزُّهْرِيِّ: فَمَا فُتِحَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْحٌ قَبْلَهُ كَانَ أَعْظَمَ مِنْهُ، إنَّمَا كَانَ الْقِتَالُ حَيْثُ الْتَقَى النَّاسُ، فَلَمَّا كَانَتْ الْهُدْنَةُ، وَوُضِعَتْ الْحَرْبُ، وَآمَنَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَالْتَقَوْا فَتَفَاوَضُوا فِي الْحَدِيثِ وَالْمُنَازَعَةِ، فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدٌ بِالْإِسْلَامِ يَعْقِلُ شَيْئًا إلَّا دَخَلَ فِيهِ، وَلَقَدْ دَخَلَ فِي تِينِكَ السَّنَتَيْنِ مِثْلُ مَنْ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالدَّلِيلُ عَلَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج إِلَى الحديبيّة فِي ألف وَأَرْبع مائَة، فِي قَوْلِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ خَرَجَ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ.