مَا الْبَحْرُ حِينَ تَهُبُّ الرِّيحُ شَامِيَّةً ... فَيَغْطَئِلُ وَيَرْمِي الْعِبْرَ بِالزَّبَدِ [1]
يَوْمًا بِأَغْلَبَ مِنِّي حِينَ تُبْصِرُنِي ... مِلْغَيِظٍ أَفْرِي كَفَرْيِ الْعَارِضِ الْبَرِدِ [2]
أُمَّا قُرَيْشٌ فَإِنِّي لَنْ أُسَالِمَهُمْ ... حَتَّى يُنِيبُوا مِنْ الْغِيَّاتِ لِلرُّشْدِ [3]
وَيَتْرُكُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى بِمَعْزِلَةٍ ... وَيَسْجُدُوا كُلُّهُمْ لِلْوَاحِدِ الصَّمَدِ
وَيَشْهَدُوا أَنَّ مَا قَالَ الرَّسُولُ لَهُمْ ... حَقٌّ وَيُوفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ وَالْوُكُدِ [4]
فَاعْتَرَضَهُ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ قَالَ: كَمَا حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ:
تَلَقَّ [5] ذُبَابُ السَّيْفِ عَنِّي فَإِنَّنِي ... غُلَام إِذا هُوَ جيت لَسْتُ بِشَاعِرٍ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ: أَنَّ ثَابت بن لَيْسَ بْنَ الشَّمَّاسِ وَثَبَ عَلَى صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ، حِينَ ضَرَبَ حَسَّانَ، فَجَمَعَ يَدَيْهِ إلَى عُنُقِهِ بِحَبْلِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إلَى دَارِ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْن رَوَاحَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: أَمَا أَعْجَبَكَ ضَرْبُ حَسَّانَ بِالسَّيْفِ! وَاَللَّهِ مَا أَرَاهُ إلَّا قَدْ قَتَلَهُ، قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: هَلْ عَلِمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ سلم بِشَيْءِ مِمَّا صَنَعْتُ؟ قَالَ: لَا وَاَللَّهِ، قَالَ: لَقَدْ اجْتَرَأْتُ، أَطْلِقْ الرَّجُلَ، فَأَطْلَقَهُ، ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَدَعَا حَسَّانَ وَصَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ، فَقَالَ ابْنُ الْمُعَطَّلِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: آذَانِي وَهَجَانِي، فَاحْتَمَلَنِي الْغَضَبُ، فَضَرَبْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ: أَحْسِنْ يَا حَسَّانُ [6] ، أَتَشَوَّهْتَ [7] عَلَى قَوْمِي أَنْ هَدَاهُمْ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَالَ: أَحْسِنْ يَا حَسَّانُ فِي الَّذِي أَصَابَكَ، قَالَ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.