وَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ إِذَا مِتُّ فَأُغَلَّ فَأُدْفَعَ إِلَى رَبِّي مَغْلُولا كَمَا يُدْفَعُ الْعَبْدُ الآبِقُ إِلَى مَوْلَاهُ.
وَرَفَعَ رَأْسَهُ فِي السَّمَاءِ عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا لِبَطْنٍ وَلَا فَرْجٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: مَا كَانَ لِمَالِكٍ إِلَّا دِرْهَمَانِ.
دِرْهَمٌ لِوَرَقَةِ كَاغِدٍ , وَدِرْهَمٌ يَشْتَرِي بِهِ خُوصًا يَعْمَلُ بِهِ، وَكَانَ أَدَمُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِلْحًا بِفِلْسَيْنِ.
وَكَانَ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ فَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهَا مِنَ الْأَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْمُصْحَفَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَالَ: أَعْطَى الْبَقَّالَ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمًا وَدَانِقَيْنِ فَأَخَذَ مِنْهُ سِتيِّنَ رَغِيفًا لِكُلِّ لَيْلَةٍ رَغِيفَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَبَارَكِ: وَقَعَ حَرِيقٌ بِالْبَصْرَةِ، فَأَخَذَ مَالِكٌ الْمَصَاحِفَ وَأَخَذَ طَرَفَ كِسَائِهِ يَجُرُّهُ وَقَالَ: هَلَكَ أَصْحَابُ الأَثْقَالِ.
وَقَالَ مَالِكٌ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: خَشْيَةُ اللَّهِ وَحُبُّ الْفِرْدَوْسِ يُبَاعِدَانِ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَيُوَرِّثَانِ الصَّبْرَ عَلَى الْمَشَقَّةِ، وَإِنَّ أَكْلَ الشَّعِيرِ، وَالنَّوْمَ عَلَى الْمَزَابِلِ مَعَ الْكِلَابِ لَقَلِيلٌ فِي طَلَبِ الْفِرْدَوْسِ.