عَلَى الْهُدَى وَالتُّقَى حَيْثُ كَانَتْ أُمَرَاؤُهُمْ يَأْتُونَ إِلَى عُلَمَائِهِمْ رَغْبَةً فِي عِلْمِهِمْ، فَلَمَّا نُكِسُوا وَتَعِسُوا وَسَقَطُوا مِنْ عَيْنِ اللَّهِ فَآمِنُوا بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، كَانَ عُلَمَاؤُهُمْ يَأْتُونَ إِلَى أُمَرَائِهِمْ فَشَارَكُوهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَشُرِكُوا مَعَهُمْ فِي فِتْنَتِهِمْ.
وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: وَجَدْتُ الدُّنْيَا شَيْئَيْنِ: شَيْئًا هُوَ لِي وَشَيْئًا هُوَ لِغَيْرِي، فَأَمَّا مَا كَانَ لِغَيْرِي فَلَوْ طَلَبْتُهُ بِحِيلَةِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَمْ أَصِلْ إِلَيْهِ، لِأَنَّ اللَّهَ يَمْنَعُ رِزْقَ غَيْرِي مِنِّي كَمَا يَمْنَعُ رِزْقِي مِنْ غَيْرِي.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: نَظَرْتُ فِي الرِّزْقِ فَوَجَدْتُهُ شَيْئَيْنِ: شَيْئًا هُوَ لِي لَهُ أَجَلٌ يَنْتَهِي إِلَيْهِ فَلَنْ أُعَجِّلَهُ وَلَوْ طَلَبْتُهُ بِقُوَّةِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَشَيْئًا هُوَ لِغَيْرِي فَلَمْ أُصِبْهُ فِيمَا مَضَى، أَفَأَطْلُبُهُ فِيمَا بَقِيَ، فَفِي أَيِّ هَذَيْنِ أُفْنِي عُمْرِي؟ .
وَقَالَ: إِنْ كَانَ يُغْنِيكَ مَا يَكْفِيكَ فَأَدِّنِي عَيْشَكَ يَكْفِيكَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَكْفِيكَ مَا يُغْنِيكَ فَلَيْسَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ يَكْفِيكَ.