فَمَضَى عَلَى أَرْبَعَةِ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ آكُلْ فِيهِ شَيْئًا حَتَّى بَلَغْتُ الرَّمْلَ، فَكَانَتْ لَيْلَةً قَمْرَاءَ فَنَظَرْتُ بَيْنَ يَدَيَّ، فَإِذَا شَخْصٌ عَلَيْهِ ثِيَابُ بَيَاضِ، فَاجْتَهَدْتُ أَنْ أَلْحَقَهُ فَلَمْ أَقْدِرْ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ لَا تَتَعَنَّ وَاجْلِسْ مَكَانَكَ وَاسْتَفَّ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ فَجَلَسْتُ فِي الرَّمْلِ وَاسْتَفَفْتُ فَإِذَا هُوَ السَّوِيقُ الزَّبِيدِيُّ فَسَكَنْتُ نَفْسِي وَشَبِعْتُ وَوَقَعَ عَلَيَّ النَّوْمُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ رَأَيْتُ كُلَّ مَا كَانَ حَوْلِي مِنَ الرَّمْلِ السَّوِيقَ الزَّبِيدِيَّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِيُّ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ اقْرَأْ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الصُّوفِيِّ السَّلَامَ.
نَيْسَابُورِيٌّ، صَحِبَ أَبَا عُثْمَانَ الْحِيرِيِّ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشِّبَهِيُّ: الْعَارِفُونَ يَقْوَوْنَ بِمَعُرُوفِهِمْ وَسَائِرُ النَّاسِ يَقْوَوْنَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.
وَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَنَا إِذَا مَشَيْتُ فِي السُّوقِ يَقُولُ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى خُشُوعِ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَخِفْ عَلَى نَفْسِكَ فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: " أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ