وَكَانَ هَاهُنَا بُلْبُلٌ لِابْنِي، فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا الطَّيْرِ مَحْبُوسًا؟ لَوْ خَلَّى عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ لِابْنِي وَهُوَ يَهَبُهُ لَكَ، فَقَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أُعْطِيهِ دِينَارًا، قَالَ: فَأَخَذَهُ فَخَلَّى عَنْهُ، قَالَ: فَكَانَ يَذْهَبُ فَيَرْعَى وَيَجِيءُ بِالْعَشِيِّ فَيَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا مَاتَ سُفْيَانُ تَبِعَ جِنَازَتَهُ فَكَانَ يَضْطَرِبُ عَلَى قَبْرِهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ لَيَالِيَ إِلَى قَبْرِهِ فَكَانَ رُبَّمَا بَاتَ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا رَجَعَ إِلَى الْبَيْتِ، ثُمَّ وَجَدُوهُ مَيِّتًا عِنْدَ قَبْرِهِ فَدُفِنَ إِلَى جَنْبِ قَبْرِهِ.
قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يُصَلِّي ثُمَّ يَلْتَفِتُ إِلَى الشَّبَابِ فَقَالَ: إِذَا لَمْ تُصَلُّوا الْيَوْمَ فَمَتَى، وَقِيلَ لِسُفْيَانَ: لَوْ دَعَوْتَ بِدَعَوَاتٍ، قَالَ: تَرْكُ الذُّنُوبِ هُوَ الدُّعَاءُ، وَكَانَ رُبَّمَا يَأْخُذُ فِي التَّفَكُّرِ فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ النَّاظِرُ فَيَقُولُ: مَجْنُونٌ، وَكَانَ فِي جَيْبِهِ رُقْعَةٌ يَنْظُرُ فِيهَا كَثِيرًا فَوَقَعَتْ مِنْهُ فَنَظَرُوا فِيهَا فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ: سُفْيَانُ اذْكُرْ وُقُوفَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَسَنِ الصَّرَّافُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَرْدَوَيْهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى النَّخَعِيُّ , قَالَ " قَدِمْتُ مَعَ الثَّوْرِيِّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَإِذَا بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ بِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى الثَّوْرِيِّ , فَقَالَ: " تَعَالَ حَدِّثْنَا، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ،