طُولِبَ بِهَا، فَأَنكَرَ، فَعُذِّبَ بِأَنْوَاع العَذَابِ، فَمَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ، فَأَخَذَهُ الرَّاضِي بِاللهِ، فَقرَّبه وَأَدْنَاهُ، وَقَالَ: تَرَى مطَالبَةَ الجُنْدِ لَنَا، وَالَّذِي عِنْدَك لَيْسَ بنَافِعك، فَاعْتَرِفْ بِهِ، قَالَ: أَمَا إِذْ فعلت هَذَا (?) ، فَالمَالُ دفنتُهُ فِي البُسْتَانِ.
وَكَانَ قَدْ أَنشَأ بُستَاناً فِيْهِ أَصنَافُ الثَّمَرِ، وَالقصر الَّذِي زخرفَه.
فَقَالَ: وَفِي أَي مَكَان هُوَ؟
قَالَ: أَنَا مكفوفٌ وَلاَ أَهتدِي إِلَى البُقْعَةِ، فَاحفرِ البُسْتَان تجدْه فَحَفَرُوا البُسْتَانَ وَأَسَاس القصرِ، وَقلَعُوا الشَّجر فَلَمْ يُوجد شَيْء.
فَقَالَ: وَأَيْنَ المَال؟
قَالَ: وَهَل عِنْدِي مَال؟!! إِنَّمَا كَانَ حسرتِي فِي جُلوسكَ فِي البُسْتَانِ وَتنعُّمك فَفَجعْتُكَ بِهِ (?) .
فَأَبعَدَه وَحَبَسَهُ، فَأَقَامَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، ثُمَّ أُخرج إِلَى دَار ابْن طَاهِر، فَكَانَ تَارَةً يحبس، وَتَارَةً يُهْمَلُ.
فوقَفَ يَوْماً بِالجَامِعِ بَيْنَ الصُّفوف، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ بيضَاء وَقَالَ: تصدَّقُوا عليَّ، فَأَنَا مَنْ قَدْ عرفتُمْ.
وَأَرَادَ أَنْ يشنِّع عَلَى الخَلِيْفَة المُسْتَكْفِي، فَقَامَ إِلَيْهِ ابْنُ أَبِي مُوْسَى الهَاشِمِيُّ، فَأَعطَاهُ أَلف دِرْهَم، فمنعُوهُ مِنَ الخُرُوج (?) .
ثمَّ مَاتَ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَخَمْسُوْنَ سنَةً، وَلَهُ مِنَ الأَوْلاَد: عَبْدُ الصَّمَدِ، وَأَبُو القَاسِمِ، وَأَبُو الفَضْلِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ (?) .
وَوَزَرَ لَهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ مقلَةَ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ، ثُمَّ الخَصيبِيّ.
ونَفَّذَ عَلَى إِمْرَة مِصْرَ أَحْمَد بنُ كَيَغْلَغ، إِذْ تُوُفِّيَ أَمِيْرُهَا تِكِين الخَاصَّة (?) .