بِالتُّكَأِ، فَغَضِبَ عَلَيْهِم، وَقَالَ: إِنَّمَا رَفَعَنِي اللهُ لأَضَعَ مِن جُلَسَائِي؟! وَاللهِ! لاَ جَالَسُونِي إِلاَّ بِتُكَاءينِ.

فَكُنَّا كَذَلِكَ لَيَالِي حَتَّى اسْتَعفَينَا، فَقَالَ: وَاللهِ مَا أُرِيدُ الدُّنْيَا إِلاَّ لِخَيْرٍ أُقَدِّمُه، أَوْ صَدِيْقٍ أَنْفَعُه، وَلَوْلاَ أَنَّ النُّزَولَ عَنِ الصَّدْرِ سُخْفٌ لاَ يَصْلُحُ لِمِثْلِ حَالِي، لَسَاوَيْتُكُم فِي المَجْلِسِ.

قَالَ الصُّوْلِيُّ: لَمْ أَسْمَعْهُ قَطُّ دَعَا أَحَداً مِنْ كُتَّابِهِ بِغَيْرِ كُنْيَتِهِ، وَمَرِضَ مَرَّةً، فَقَالَ: مَا غَمِّي بِعِلَّتِي بِأَشَدَّ مِنْ غَمِّي بِتَأَخُّرِ حَوَائِجِ النَّاسِ وَفِيْهِمُ المُضْطَّرُ.

وَكَانَ يَمنَعُ النَّاسَ مِنَ المَشْيِ بَيْنَ يَدَيْهِ.

وَمِنْ شِعْرِهِ - وَيُقَالُ: مَا عَمِلَ غَيْرَهُمَا -:

مُعَذِّبَتِي هَلْ لِي إِلَى الوَصْلِ حِيلَةٌ ... وَهَل إِلَى اسْتَعطَافِ قَلْبكِ مِنْ وَجْهِ

فَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا وَأَنْتِ بَخِيْلَةٌ ... وَلاَ خَيْرَ فِي وَصْلٍ يَجِيْءُ عَلَى كُرْهِ

وَبَلَغَنَا أَن ابْن الفُرَاتِ كَانَ يَسْتَغِلُّ مِنْ أَملاَكه إِلَى أَنْ أُعيد إِلَى الوزرَاة سَبْعَة آلاَف أَلف دِيْنَار، لأَنَّه - فِيْمَا قِيْلَ -:كَانَ يُحَصِّلُ مِنْ ضيَاعه فِي العَام أَلفِي أَلف دِيْنَار.

وَقِيْلَ عَنْهُ: إِنَّهُ كَاتَبَ العَرَبَ أَنْ يَكْبِسُوا بَغْدَادَ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.

وَلَمَّا وَزَرَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، خُلِعَ عَلَيْهِ سَبْعُ خِلَعٍ، وَسُقِيَ يَوْمَئِذٍ فِي دَارِهِ أَرْبَعُوْنَ أَلْفَ رِطْلِ ثَلْجٍ.

قَالَ الصُّوْلِيُّ: مَدَحتُهُ، فَوَصَلَنِي بِسِتِّ مائَةِ دِيْنَارٍ.

قَالَ عَلِيُّ بنُ هِشَامٍ الكَاتِبُ: دَخَلتُ عَلَى ابْنِ الفُرَاتِ فِي وِزَارَتِهِ الثَّالِثَةِ وَقَدْ غَلَبَ ابْنُهُ المُحَسّنُ عَلَيْهِ فِي أَكْثَرِ أُمُوْرِه، فَقِيْلَ لَهُ: هُوَ ذَا يُسرِفُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015