وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ: مَنْ رَأَيْتَهُ يَدَّعِي مَعَ اللهِ حَالَةً تُخْرِجُ عَنِ الشَّرْعِ، فَلاَ تَقْرَبَنْ مِنْهُ.

قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيَّ يَقُوْلُ:

كَانَ فِي نَفْسِي مِنْ هَذِهِ الكَرَامَاتِ، فَأَخَذْتُ مِنَ الصِّبْيَانِ قَصَبَةً، ثُمَّ قُمْتُ بَيْنَ زَوْرَقَينِ، وَقُلْتُ: وَعِزَّتِكَ، لَئِنْ لَمْ تُخْرِجْ لِي سَمَكَةً فِيْهَا ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ، لأُغرِقَنَّ نَفْسِي.

قَالَ: فَخَرَجَتْ لِي سَمَكَةٌ ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ.

قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ الجُنَيْدَ، فَقَالَ: كَانَ حُكْمُهُ أَنْ تَخْرُجَ لَهُ أَفْعَى فَتَلْدَغُهُ.

وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ: سَبِيْلُ الفَانِينَ الفَنَاءُ فِي مَحْبُوْبِهِم، وَسَبِيْلُ البَاقِيْنَ البَقَاءُ بِبَقَائِهِ، وَمَنِ ارْتَفَعَ عَنِ الفَنَاءِ وَالبَقَاءِ، فَحِيْنَئِذٍ لاَ فَنَاءَ وَلاَ بَقَاءَ.

عَنِ القَنَّادِ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى النُّوْرِيِّ وَأَنَا حَدَثٌ:

إِذَا كَانَ كُلُّ المَرْءِ فِي الكُلِّ فَانِياً ... أَبِنْ لِيَ عَنْ أَيِّ الوُجُودَيْنِ يُخْبِرُ؟

فَأَجَابَ لِوَقْتِهِ:

إِذَا كُنْتَ فِيْمَا لَيْسَ بِالوَصْفِ فَانِياً ... فَوَقْتُكَ فِي الأَوْصَافِ عِنْدِي تَحَيُّرُ (?)

قُلْتُ: هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ طَوِيْلٍ، وَتَحُرُّزٍ عَنِ الفَنَاءِ الكُلِّيِّ، وَمُرَادُهُم بِالفَنَاءِ، فَنَاءُ الأَوْصَافِ النَّفْسَانِيَّةِ وَنَحْوِهَا، وَنِسْيَانُهَا بِالاشْتِغَالِ بِاللهِ - تَعَالَى - وَبِعِبَادَتِهِ، فَإِنَّ ذَاتَ العَارِفِ وَجَسَدَهُ لاَ يَنْعَدِمُ مَا عَاشَ، وَالكَونُ وَمَا حَوَى فَمَخْلُوْقٌ، وَاللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَمُبْدِعُهُ - أَعَاذَنَا اللهُ وَإِيَّاكُم مِنْ قَوْلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015