فَمَاتَ حِيْنَ دَخَلَ بِهَا، فتَزَوَّجَهَا الأَوَّلُ، فَقَالَ:
فَعَادَتْ لَنَا كَالشَّمْسِ بَعْدَ ظَلاَمِهَا ... عَلَى خَيْرِ أَحْوَالٍ كَأَنْ لَمْ تُطَلَّقِ
ثُمَّ صَاحَ: يَا غُلاَم! أَعِدَّ لَنَا مِثْل طَعَامِنَا.
فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ يَوْمنَا (?) .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ الإِسْفَرَايِيْنِيّ - ابْنُ أُخْتِ أَبِي عَوَانَةَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لأَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ الحَافِظِ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو عَوَانَةَ البَصْرَة، فَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا خَلِيْفَة قَدْ هُجِرَ، وَيُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ.
فَقَالَ لِي أَبُو عَوَانَةَ: يَا بُنَيَّ! لاَ بُدَّ أَنْ نَدْخُلَ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو عَوَانَةَ: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟
فَاحْمَرَّ وَجهُهُ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَأَنَا تَائِبٌ إِلَى اللهِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ إِلاَّ الكَذِبَ فَإِنِّي لَمْ أَكْذِبْ قَطُّ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ.
قَالَ: فَقَامَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى أَبِي فَقَبَّلَ رَأْسَهُ.
ثُمَّ قَالَ أَبِي: قَامَ أَبُو عَوَانَةَ إِلَى أَبِي خَلِيْفَة، فَقَبَّلَ كَتِفَهُ.
تُوُفِّيَ أَبُو خَلِيْفَة: فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، أَوْ فِي الذِي يَلِيْهِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِالبَصْرَةِ.
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ شَمْسُ الدِّيْنِ بنُ قُدَامَةَ، وَغَيْرهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الموَاهِبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُلُوْك، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الغِطْرِيْفِ سنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هَمَّامٍ وَشُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيَّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِهِ) (?) .