الإِفْكِ، فَنَفَرَتْ مِنْهُ قُلُوْبُ خَلْقٍ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَمَقَتُوهُ.

وَلَمْ يَجِدْ لِجَيْشِهِ لَمَّا كَثُرُوا بُدّاً مِنْ أَرْزَاقٍ، فَقَرَّرَ لِلْجُنْدِيِّ فِي الشَّهْرِ عَشْرَةَ دَنَانِيْرَ، فَحَسَدَ قُوَادَهُ الفُرْسَانُ، وَشُغِلَ بِإِنشَاءِ الأَبْنِيَةِ، وَفَتَرَ عَنِ الزِّنجِ، فَهَمُّوا بِالفَتْكِ بِهِ.

وَأَنْشَأَ القَائِدُ الشَّعْرَانِيُّ مَدِينَةً مَنِيْعَةً، فَأُخِذَتْ، وَهَرَبَ الشَّعْرَانِيُّ.

وَأَنْشَأَ سُلَيْمَانُ بنُ جَامِعٍ مَدِينَةً سَمَّاهَا (المَنْصُوْرَةَ) ، وَحَصَّنَهَا بِخَمْسَةِ خَنَادِقَ (?) ، وَطُولُهَا فَرْسَخٌ، فَأُخِذَتْ، وَنَجَا ابْنُ جَامِعٍ.

وَبَقِيَ الموَفَّقُ يُكْرِمُ كُلَّ مَنْ فَرَّ إِلَيْهِ، وَيَخْلَعُ عَلَيْهِم.

وَكَتَبَ إِلَى الخَبِيْثِ يَدْعُوهُ إِلَى التَّوبَةِ مِنِ ادِّعَاءِ مُخَاطبَةِ المَلاَئِكَةِ، وَمِنْ تَحْرِيفِهِ القُرْآنَ وَضَلالَتِهِ، فَمَا أَجَابَ بِشَيْءٍ، وَحَصَّنَ مَدِينَتَهُ (المُخْتَارَةَ) الَّتِي بِنَهْرِ أَبِي الخَصِيبِ، حَتَّى بَقِيَتْ يُضْرَبُ بِهَا المَثَلُ، وَنَصَبَ فِيْهَا المَجَانِيْقَ وَالأَسْلِحَةَ بِمَا بَهَرَ العُقُولَ، وَبِهَا نَحْوُ مائَتَي أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَمَا قَدَرَ عَلَيْهَا الجَيْشُ إِلاَّ بِالمُطَاولَةِ، وَأَنْشَأَ تِلْقَاءهَا المُوَفَّقُ مَدِينَةً وَسَكَنَهَا، وَلَمْ يَزَلْ إِلَى أَنْ أَخَذَ (المُختَارَةَ) ، فَهَرَبَ الخَبِيْثُ إِلَى مَضَائِقَ فِي نَهْرِ أَبِي الخَصِيبِ، لاَ تَصِلُ إِلَيْهَا سَفِيْنَةٌ وَلاَ فَارِسٌ، ثُمَّ بَرَزَ فِي أَبْطَالِهِ، وَقَاتَلَ أَشدَّ قِتَالٍ، وَهُوَ يَقُوْلُ:

وَعَزِيْمَتِي مِثْلُ الحُسَامِ، وَهِمَّتِي ... نَفْسٌ أَصُوْلُ بِهَا كَنَفْسِ القَسْوَرِ

وَإِذَا تُنَازِعُنِي أَقُوْلُ لَهَا: اسْكُتِي ... قَتْلٌ يُرِيْحُكِ أَوْ صُعُودِ المِنْبَرِ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015