جَرِيّاً، دَاهِيَةً، قَدِ اسْتَوْعَبَ ابْنُ النَّجَّارِ سِيْرَتَهُ.
رُئِيَ أَبُوْهُ أَنَّهُ بَالَ فِي مَسْجِدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَوْلَةً أَحْرَقَتْ نِصْفَ الدُّنْيَا.
وكَانَتْ أُمُّ الخَبِيْثِ تَقُوْلُ: لَمْ يَدَعِ ابْنِي أَحَداً عِنْدَهُ عِلْمٌ بِالرَّيِّ حَتَّى خَالَطَهُم، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَغَابَ عَنِّي سَنَتَيْنِ، وَجَاءَ، ثُمَّ غَابَ عَنِّي غَيْبَتَهُ الَّتِي خَرَجَ فِيْهَا، فَوَرَدَ عَلَيَّ كِتَابُهُ مِنَ البَصْرَةِ، وَبَعَثَ إِليَّ بِمَالٍ، فَلَمْ أَقْبَلْهُ، لِمَا صَحَّ عِنْدِي مِنْ سَفْكِهِ لِلدِّمَاءِ، وَخَرَابِهِ لِلْمُدُنِ.
قُلْتُ: وَكَانَ أَبُوْهُ دَاهِيَةً شَيطَاناً كَوَلَدِهِ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: مَرِضْتُ وَأَنَا غُلاَمٌ، فَجَلَسَ أَبِي يَعُودُنِي، وَقَالَ لأُمِّي: مَا خَبَرُهُ؟
قَالَتْ: يَمُوتُ.
قَالَ: فَإِذَا مَاتَ، مَنْ يَخْرِبُ البَصْرَةَ؟
قَالَ: فَبَقِيَ ذَاكَ فِي قَلْبِي.
وَقِيْلَ: مَاتَ أَبُوْهُ بِسَامَرَّاءَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فَقَالَ عَلِيٌّ الشِّعْرَ، وَمَدَحَ بِهِ، وَصَارَ كَاتِباً، وَدَخَلَ فِي ادِّعَاءِ الإِمَامَةِ، وَعِلْمِ المُغَيَّبَاتِ، وَخَافَ، فَنَزَحَ مِنْ سَامَرَّاءَ إِلَى الرَّيِّ لِمِيرَاثٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
قُلْتُ: بَعْدَ مَصْرَعِ المُتَوَكِّلِ وَابْنِهِ، وَأُولَئِكَ الخُلَفَاءِ المُسْتَضْعَفِيْنَ المَقْتُولِيْنَ، نَقَضَ أَمْرُ الخِلاَفَةِ جِدّاً، وَطَمِعَ كُلُّ شَيطَانٍ فِي التَّوثُّبِ، وَخَرَجَ الصَّفَّارُ بِخُرَاسَانَ (?) ، وَاتَّسَعَتْ مَمَالِكُهُ، وَخَرَجَ هَذَا الخَبِيْثُ بِالبَصْرَةِ، وَفَعَلَ مَا فَعَلَ، وَهَاجَتِ الرُّوْمُ، وَعَظُمَ الخَطْبُ.
ثمَّ بَعْدَ سَنَواتٍ ثَارَتِ القَرَامِطَةُ (?) وَالأَعرَابُ، وَظَهَرَ بِالمَغْرِبِ عُبَيْدُ