قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ القَاضِي: كُنْتُ أُسَايِرُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ، فَإِذَا بِجَارِيَةٍ تُغَنِّي بِشَيْءٍ مِنْ شِعْرِهِ، وَهُوَ:
أَشْكُو غَلِيْلَ فُؤَادٍ أَنْتَ مُتْلِفُهُ ... شَكْوَى عَلِيْلٍ إِلَى إِلْفٍ يُعَلِّلُهُ
سُقْمِي تَزِيْدُ مَعَ الأَيَّامِ كَثْرَتُهُ ... وَأَنْتَ فِي عُظْمِ مَا أَلْقَى تُقَلِّلُهُ (?)
اللهُ حَرَّمَ قَتْلِي فِي الهَوَى سَفَهاً ... وَأَنْتَ يَا قَاتِلِي ظُلْماً تُحَلِّلُهُ (?)
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنُ دَاوُدَ خَصْماً لابْنِ سُرَيْجٍ فِي المُنَاظَرَةِ، كَانَا يَتَرَادَّانِ فِي الكُتُبِ، فَلَمَّا بَلَغَ ابْنَ سُرَيْجٍ مَوْتَ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ، حَزِنَ لَهُ، وَنَحَّى مَخَادَّهُ، وَجَلَسَ لِلتَّعْزِيَةِ، وَقَالَ: مَا آسَى إِلاَّ عَلَى تُرَابٍ يَأْكُلُ لِسَانَ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ (?) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُكَّرَةَ القَاضِي: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ جَامعٍ الصَّيْدَلاَنِيُّ مَحْبُوبَ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى ابْنِ دَاوُدَ، وَمَا عُرِفَ مَعْشُوقٌ يُنْفِقُ عَلَى عَاشِقِهِ سِوَاهُ، وَمِنْ شِعْرِهِ:
حَمَلْتُ جِبَالَ الحُبِّ فِيْكَ وَإِنَّنِي ... لأَعْجَزُ عَنْ حَمْلِ القَمِيْصِ وَأَضْعُفُ
وَمَا الحُبُّ مِنْ حُسْنٍ وَلاَ مِنْ سَمَاحَةٍ ... وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بِهِ الرُّوْحُ تَكْلَفُ (?)
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَرَفَةَ نِفْطَوَيْه: دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ فِي مَرَضِهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟
قَالَ: حُبُّ مَنْ تَعْلَمُ أَوْرَثَنِي مَا تَرَى.