وَقَالَ هَارُوْنُ المُسْتَمْلِي: لَقِيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ: مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ.

فَأَعطَانِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَقَالَ: مَا عِنْدَنَا غَيْرُهَا.

قَالَ المَرُّوْذِيُّ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ قَدْ وَهبَ لِرَجُلٍ قَمِيصَه، وَقَالَ: رُبَّمَا وَاسَى مِنْ قُوْتِهِ.

وَكَانَ إِذَا جَاءهُ أَمرٌ يَهمُّه مِنْ أَمرِ الدُّنْيَا، لَمْ يُفطِرْ وَوَاصلَ.

وجَاءهُ أَبُو سَعِيْدٍ الضَّرِيْرُ، وَكَانَ قَالَ قَصِيدَةً فِي ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، فَشَكَى إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيْدٍ، مَا عِنْدَنَا إِلاَّ هَذَا الجَذَعُ.

فَجِيْءَ بِحَمَّالٍ، قَالَ: فَبِعْتُه بِتِسعَةِ دَرَاهِمَ وَدَانِقَيْنِ.

وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ شَدِيدَ الحَيَاءِ، كَرِيْمَ الأَخْلاَقِ، يُعجِبُه السَّخَاءُ.

قَالَ المَرُّوْذِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الفَوَارِسِ سَاكَنَ أَبِي عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:

قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ: يَا مُحَمَّدُ، أَلقَى الصَّبِيُّ المِقرَاضَ فِي البِئرِ.

فَنَزَلتُ، فَأَخرَجْتُه.

فَكَتَبَ لِي إِلَى البَقَّالِ: أَعطِه نِصْفَ دِرْهَمٍ.

قُلْتُ: هَذَا لاَ يَسْوَى قِيرَاطاً، وَاللهِ لاَ أَخَذتُه.

قَالَ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، دَعَانِي، فَقَالَ: كَمْ عَلَيْكَ مِنَ الكِرَاءِ؟

فَقُلْتُ: ثَلاَثَةُ أَشهرٍ.

قَالَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ.

ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ: فَاعتَبِرُوا يَا أُولِي الأَلبَابِ وَالعِلْمِ، هَلْ تَجدُوْنَ أَحَداً بَلَغَكم عَنْهُ هَذِهِ الأَخْلاَقُ؟!!

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَهْلِ بنِ المُغِيْرَةِ، قَالَ: كُنَّا عِنْد عَفَّانَ مَعَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابِهم، وَصَنَعَ لَهُم عَفَّانُ حَمَلاً وَفَالُوْذَجَ، فَجَعَلَ أَحْمَدُ يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَدَّمُوا، إِلاَّ الفَالُوذَجَ.

فَسَأَلْتُه، فَقَالَ: كَانَ يُقَالُ: هُوَ أَرفَعُ الطَّعَامِ فَلاَ يَأْكلُه.

وَفِي حِكَايَةٍ أُخرَى: فَأَكَلَ لُقمَةَ فَالُوْذَجَ.

وَعَنِ ابْنِ صُبْحٍ، قَالَ: حَضَرتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عَلَى طَعَامٍ، فَجَاءوا بِأَرُزٍّ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: نِعْمَ الطَّعَامُ، إِنْ أُكلَ فِي أَوِّلِ الطَّعَامِ أَشْبَعَ، وَإِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015