لَمْ يَلقَ عَمْرَو بنَ عُبَيْدٍ، بَلْ لاَزَمَ تِلمِيذَه عُثْمَانَ بنَ خَالِدٍ الطَّوِيْلَ.
وَقِيْلَ: وَلاَؤُه لِعَبْدِ القَيْسِ.
مَاتَ لِصَالِحِ بنِ عَبْدِ القُدُّوْسِ المُتَكَلِّمِ وَلَدٌ، فَأَتَاهُ العَلاَّفُ يُعَزِّيهِ، فَرَآهُ جَزِعاً، فَقَالَ: مَا هَذَا الجَزَعُ، وَعِنْدَكَ أَنَّ المَرْءَ كَالزَّرعِ؟
قَالَ: يَا أَبَا الهُذَيْلِ، جَزِعتُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مَا قَرَأَ كِتَابَ (الشُّكُوكِ) لِي، فَمَنْ قَرَأَهُ، يَشُكُّ فِيْمَا كَانَ، حَتَّى يَتَوهَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَفِيمَا لَمْ يَكُنْ، حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ كَانَ.
قَالَ: فَشُكَّ أَنْتَ فِي مَوتِ ابْنِكَ، وَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَشُكَّ أَنَّهُ قَدْ قَرَأَ كِتَابَ (الشُّكُوْكِ) .
وَلأَبِي الهُذَيْلِ كِتَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى المَجُوْسِ، وَرَدَّ عَلَى اليَهُوْدِ، وَرَدَّ عَلَى المُشَبِّهَةِ، وَرَدَّ عَلَى المُلْحِدِيْنَ، وَرَدَّ عَلَى السُّوْفَسْطَائِيَّةِ، وَتَصَانِيْفُهُ كَثِيْرَةٌ، وَلَكِنَّهَا لاَ تُوْجَدُ.
رَأْسُ المُتَكَلِّمِيْنَ بِالبَصْرَةِ فِي زَمَانِهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بن كُلاَّبٍ القَطَّانُ، البَصْرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي الرَّدِّ عَلَى المُعْتَزِلَةِ، وَرُبَّمَا وَافَقَهُم.
أَخَذَ عَنْهُ الكَلاَمَ: دَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ.
قَالَهُ: أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الحَارِثَ المُحَاسِبِيَّ أَخَذَ عِلمَ النَّظَرِ وَالجَدَلِ عَنْهُ أَيْضاً.
وَكَانَ يُلَقَّبُ: كُلاَّباً؛ لأَنَّهُ كَانَ يَجُرُّ الخَصْمَ إِلَى نَفْسِهِ بِبَيَانِه وَبَلاَغَتِه.
وَأَصْحَابُهُ هُمُ الكُلاَّبِيَّةُ، لَحِقَ بَعْضَهُم أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ، وَكَانَ يَرُدُّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ.