يَا ابْنَ المَدِيْنِيِّ الَّذِي شُرِعَتْ لَهُ ... دُنْيَا فَجَادَ بِدِيْنِهِ لِيَنَالَهَا

مَاذَا دَعَاكَ إِلَى اعْتِقَادِ مَقَالَةٍ ... قَدْ كَانَ عِنْدَكَ كَافِراً مَنْ قَالَهَا

أَمرٌ بَدَا لَكَ رُشْدُهُ فَقَبِلْتَه ... أَمْ زَهْرَةُ الدُّنْيَا أَرَدْتَ نَوَالَهَا؟

فَلَقْدَ عَهِدْتُكَ - لاَ أَبَا لَكَ - مَرَّةً ... صَعْبَ المَقَادَةِ لِلَّتِي تُدْعَى لَهَا

إِنَّ الحَرِيْبَ (?) لَمَنْ يُصَابُ بِدِيْنِهِ ... لاَ مَنْ يُرَزَّى نَاقَةً وَفِصَالَهَا (?)

فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: هَذَا بَعْضُ شُرَّادِ هَذَا الوَثَنِ -يَعْنِي: ابْنَ الزَّيَّاتِ- وَقَدْ هُجِيَ خِيَارُ النَّاسِ، وَمَا هَدَمَ الهِجَاءُ حَقّاً، وَلاَ بَنَى بَاطِلاً، وَقَدْ قُمْتَ وَقُمنَا مِنْ حَقِّ اللهِ بِمَا يُصَغِّرُ قَدْرَ الدُّنْيَا عِنْدَ كَثِيْرِ ثَوَابهِ.

ثُمَّ دَعَا لَهُ بِخَمْسَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: اصْرِفْهَا فِي نَفَقَاتِكَ وَصَدَقَاتِكَ.

قَالَ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ: قَدِمَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ البَصْرَةَ، فَصَارَ إِلَيْهِ بُنْدَارُ، فَجَعَلَ عَلِيُّ يَقُوْلُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ.

فَقَالَ بُنْدَارُ عَلَى رُؤُوْسِ المَلأِ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ، أَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟

قَالَ: لاَ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ.

فَقَالَ بُنْدَارُ: عِنْدَ اللهِ أَحْتَسِبُ خُطَايَ، شُبِّه عَلَيَّ هَذَا.

وَغَضِبَ، وَقَامَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: كَانَ عِنْدَ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ قِمَطْرٌ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَمَا كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ، فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ لاَ تُحَدِّثُ عَنْهُ؟

قَالَ: لَقِيْتُهُ يَوْماً وَبِيَدِهِ نَعْلُهُ، وثِيَابُهُ فِي فَمِهِ، فَقُلْتُ: إِلَى أَيْنَ؟

فَقَالَ: أَلْحَقُ الصَّلاَةَ خَلْفَ أَبِي عَبْدِ اللهِ.

فَظَنَنتُ أَنَّهُ يَعْنِي أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقُلْتُ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ؟

قَالَ: ابْنُ أَبِي دُوَادَ.

فَقلتُ: وَاللهِ لاَ حَدَّثتُ عَنْكَ بِحَرْفٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015