الصَّلاَةِ مِنْ فَرِيْضَةٍ؟ وَمَا فِيْهَا مِنْ سُنَّةٍ؟ -أَوْ قَالَ: نَافلَةٍ؟ -
فَقَالَ مَالِكٌ: كَلاَمُ الزَّنَادِقَةِ، أَخْرِجُوْهُ.
وَقَالَ مَنْصُوْرُ بنُ سَلَمَةَ الخُزَاعِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، أَقَمْتُ عَلَى بَابِكَ سَبْعِيْنَ يَوْماً حَتَّى كَتَبتُ سِتِّيْنَ حَدِيْثاً.
فَقَالَ: سِتُّوْنَ حَدِيْثاً! وَجَعَلَ يَسْتَكْثِرُهَا.
فَقَالَ الرَّجُلُ: رُبَّمَا كَتَبْنَا بِالكُوْفَةِ أَوْ بِالعِرَاقِ فِي المَجْلِسِ الوَاحِدِ سِتِّيْنَ حَدِيْثاً.
فَقَالَ: وَكَيْفَ بِالعِرَاقِ دَارُ الضَّربِ، يُضْرَبُ بِاللَّيْلِ، وَيُنْفَقُ بِالنَّهَارِ؟
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ البُخَارِيَّ يَقُوْلُ:
أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ: مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي (التَّمْهِيْدِ) : هَذَا كَتَبتُهُ مِنْ حِفْظِي، وَغَابَ عَنِّي أَصْلِي:
إِنَّ عَبْدَ اللهِ العُمَرِيَّ العَابِدَ كَتَبَ إِلَى مَالِكٍ يَحُضُّهُ عَلَى الانْفِرَادِ وَالعَمَلِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ: إِنَّ اللهَ قَسَمَ الأَعْمَالَ كَمَا قَسَمَ الأَرْزَاقَ، فَرُبَّ رَجُلٍ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّلاَةِ، وَلَمْ يُفتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ، وَلَمْ يُفتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الجِهَادِ.
فَنَشْرُ العِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ البِرِّ، وَقَدْ رَضِيْتُ بِمَا فُتِحَ لِي فِيْهِ، وَمَا أَظُنُّ مَا أَنَا فِيْهِ بِدُوْنِ مَا أَنْتَ فِيْهِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ كِلاَنَا عَلَى خَيْرٍ وَبِرٍّ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ حَسَنِ بن مُهَاجِرٍ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ مَالِكٌ بَعْدَ تَخَلُّفِهِ (?) عَنِ المَسْجِدِ يُصَلِّي فِي مَنْزِلِهِ فِي جَمَاعَةٍ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي صَلاَةَ الجُمُعَةِ فِي مَنْزِلِهِ وَحْدَه.