الحَدِيْثِ، وَصَالِحٍ عَابِدٍ فَاضِلٍ، إِذَا كَانَ لاَ يَحْفَظُ مَا يُحَدِّثُ بِهِ.

أَصْبَغُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ - وَسُئِلَ عَنِ الصَّلاَةِ خَلْفَ أَهْلِ البِدَعِ القَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِم - فَقَالَ: لاَ أَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَهُم.

قِيْلَ: فَالجُمُعَةَ؟

قَالَ: إِنَّ الجُمُعَةَ فَرِيْضَةٌ، وَقَدْ يُذْكَرُ عَنِ الرَّجُلِ الشَّيْءُ وَلَيْسَ هُوَ عَلَيْهِ.

فَقِيْلَ لَهُ: أَرَأَيتَ إِنِ اسْتَيْقَنْتُ، أَوْ بَلَّغَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ، أَلَيْسَ لاَ أُصَلِّي الجُمُعَةَ خَلْفَهُ؟

قَالَ: إِنِ اسْتَيْقَنْتَ.

كَأَنَّهُ يَقُوْلُ: إِنْ لَمْ يَسْتَيقِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنَ الصَّلاَةِ خَلْفَهُ.

أَبُو يُوْسُفَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلاَنِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ الشَّيْبَانِيَّ يَقُوْلُ:

كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَنَظَرَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: انْظُرُوا أَهْلَ المَشْرِقِ، فَأَنْزِلُوْهُم بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الكِتَابِ إِذَا حَدَّثُوكُم، فَلاَ تُصَدِّقُوهُم، وَلاَ تُكَذِّبُوهُم.

ثُمَّ الْتَفَتَ، فَرَآنِي، فَكَأَنَّهُ اسْتَحْيَى، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! أَكرَهُ أَنْ تَكُوْنَ غِيبَةً، هَكَذَا أَدْرَكْتُ أَصْحَابَنَا يَقُوْلُوْنَ.

قُلْتُ: هَذَا القَوْلُ مِنَ الإِمَامِ قَالَهُ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ اعْتِنَاءٌ بِأَحْوَالِ بَعْضِ القَوْمِ، وَلاَ خَبَرَ تَرَاجِمَهِم، وَهَذَا هُوَ الوَرَعُ، أَلاَ تَرَاهُ لَمَّا خَبَرَ حَالَ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ العِرَاقِيِّ كَيْفَ احْتَجَّ بِهِ، وَكَذَلِكَ حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُم (?) .

وَأَهْلُ العِرَاقِ كَغَيْرِهِم، فِيْهِمُ الثِّقَةُ الحُجَّةُ، وَالصَّدُوقُ، وَالفَقِيْهُ، وَالمُقْرِئُ، وَالعَابِدُ، وَفِيْهِمُ الضَّعِيْفُ، وَالمَتْرُوكُ، وَالمُتَّهَمُ، وَفِي (الصَّحِيْحَيْنِ) شَيْءٌ كَثِيْرٌ جِدّاً مِنْ رِوَايَةِ العِرَاقِيِّينَ - رَحِمَهُمُ اللهُ -.

وَفِيْهِم مِنَ التَّابِعِيْنَ كَمِثْلِ: عَلْقَمَةَ، وَمَسْرُوْقٍ، وَعَبِيْدَةَ، وَالحَسَنِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015