قُلْتُ: لاَ بَارَكَ اللهُ فِي هَذَا المِثَالِ.
وَمُرَادُهُ: أَنْ تَرْكَ التَّرَحُّمِ سُكُوْتٌ، وَالسَّاكتُ لاَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ، وَلَكِنْ مَنْ سَكَتَ عَنْ تَرحُّمِ مِثْلِ الشَّهِيْدِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُثْمَانَ، فَإِنَّ فِيْهِ شَيْئاً مِنْ تَشَيُّعٍ، فَمَنْ نَطَقَ فِيْهِ بِغَضٍّ وَتَنَقُّصٍ وَهُوَ شِيْعِيٌّ جَلْدٌ يُؤَدَّبُ، وَإِنْ تَرَقَّى إِلَى الشَّيْخَيْنِ بِذَمٍّ، فَهُوَ رَافِضِيٌّ خَبِيْثٌ، وَكَذَا مَنْ تَعرَّضَ لِلإِمَامِ عَلِيٍّ بِذَمٍّ، فَهُوَ نَاصِبِيٌّ (?) يُعَزَّرُ، فَإِنْ كَفَّرَهُ، فَهُوَ خَارِجِيٌّ مَارِقٌ، بَلْ سَبِيْلُنَا أَنْ نَستغفِرَ لِلْكُلِّ، وَنُحِبُّهُم، وَنَكَفَّ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُم.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ جَبَلَةَ، قَالَ:
دَخَلَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ يَوْماً السُّوْقَ وَأَنَا مَعَهُ، فَرَأَى هَذَا يَخِيطُ، وَهَذَا يَصبِغُ، فَبَكَى، وَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهِم يَتَعلَّلُوْنُ حَتَّى يَأْتِيَهُمُ المَوْتُ.
وَرُوِيَ عَنِ الحَسَنِ بنِ صَالِحٍ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى المَقْبُرَةِ يَصرُخُ، وَيُغْشَى عَلَيْهِ (?) .
قَالَ حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنَيْ صَالِحٍ، وَرَجُلٌ يَقرَأُ: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الفَزَعُ الأَكْبَرُ} [الأَنْبِيَاءُ: 103] ، فَالْتَفَتَ عَلِيٌّ إِلَى أَخِيْهِ الحَسَنِ، وَقَدِ اخْضَرَّ وَاصْفَرَّ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ! إِنَّهَا أَفْزَاعٌ فَوْقَ أَفزَاعٍ، وَرَأَيتُ الحَسَنَ أَرَادَ أَنْ يَصِيْحَ، ثُمَّ جَمَعَ ثَوْبَهُ، فَعَضَّ عَلَيْهِ حَتَّى سَكَنَ عَنْهُ، وَقَدْ ذَبُلَ فَمُهُ، وَاخْضَارَّ وَاصْفَارَّ (?) .
أَحْمَدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، قَالَ:
قَالَ الحَسَنُ بنُ صَالِحٍ: قَالَ لِي أَخِي - وَكُنْتُ أُصلِّي -: يَا أَخِي! اسقِنِي.
قَالَ: فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلاَتِي، أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَالَ: قَدْ شَرِبتُ السَّاعَةَ. قُلْتُ: مَنْ سَقَاكَ وَلَيْسَ