كُتُبُ الأَوْزَاعِيِّ زَمَنَ الرَّجْفَةِ (?) ثَلاَثَةَ عَشَرَ قُنْدَاقاً (?) ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِنُسَخِهَا، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو! هَذِهِ نُسْخَةُ كِتَابِكَ، وَإِصلاَحُكَ بِيَدِكَ.

فَمَا عَرَضَ لِشَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.

وَقَالَ بِشْرُ بنُ بَكْرٍ التِّنِّيْسِيُّ: قِيْلَ لِلأَوْزَاعِيِّ:

يَا أَبَا عَمْرٍو! الرَّجُلُ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيْهِ لَحْنٌ، أَيُقِيْمُهُ عَلَى عَرَبِيَّتِهِ؟

قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ بِعَرَبِيٍّ.

قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ: لاَ بَأْسَ بِإِصلاَحِ اللَّحْنِ وَالخَطَأِ فِي الحَدِيْثِ (?) .

مَنْصُوْرُ بنُ أَبِي مُزَاحِمٍ: عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ كَاتِبِ المَنْصُوْرِ، قَالَ:

كَانَتْ تَرِدُ عَلَى المَنْصُوْرِ كُتُبٌ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ، نَتَعَجَّبُ مِنْهَا، وَيَعْجَزُ كُتَّابُهُ عَنْهَا، فَكَانَتْ تُنسَخُ فِي دَفَاتِرَ، وَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَي المَنْصُوْرِ، فَيُكْثِرُ النَّظَرَ فِيْهَا اسْتِحْسَاناً لأَلفَاظِهَا.

فَقَالَ لِسُلَيْمَانَ بنِ مُجَالِدٍ - وَكَانَ مِنْ أَحظَى كُتَّابِهِ عِنْدَهُ -: يَنْبَغِي أَنْ تُجِيْبَ الأَوْزَاعِيَّ عَنْ كُتُبِهِ جَوَاباً تَامّاً.

قَالَ: وَاللهِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَا أُحْسِنُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أُحسِنُ، وَإِنَّ لَهُ نَظماً فِي الكُتُبِ، لاَ أَظُنُّ أَحَداً مِنْ جَمِيْعِ النَّاسِ يَقدِرُ عَلَى إِجَابَتِهِ عَنْهُ، وَأَنَا أَسْتَعِيْنُ بِأَلفَاظِهِ عَلَى مَنْ لاَ يَعرِفُهَا مِمَّنْ نُكَاتِبُهُ فِي الآفَاقِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015