الصَّلاَةَ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُهُ: تَقتُلُ أَبِي، وَتُصَلِّي عَلَيْهِ؟

فَنَحَّاهُ الحَرَسُ، وَتَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ أَسْوَدَ، جَسِيْماً، فِيْهِ تَمتَمَةٌ.

وَلَمَّا خَرَجَ، قَامَتْ قِيَامَةُ المَنْصُوْرِ، فَقَالَ لآلِهِ: اذْهَبُوا إِلَى هَذَا الأَحْمَقِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ، فَلَهُ رَأْيٌ جَيِّدٌ فِي الحَرْبِ.

فَلَمَّا دَخَلُوا، قَالَ: لأَمرٍ مَا جِئْتُم! فَمَا جَاءَ بِكُم جَمِيْعاً، وَقَدْ هَجَرتُمُوْنِي مِنْ دَهْرٍ؟

قَالُوا: اسْتَأْذَنَّا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَذِنَ لَنَا.

قَالَ: لَيْسَ ذَا بِشَيْءٍ، مَا الخَبَرُ؟

قَالُوا: خَرَجَ مُحَمَّدٌ.

قَالَ: فَمَا تَرَوْنَ ابْنَ سَلاَّمَةَ صَانِعاً؟

يَعْنِي: المَنْصُوْرَ.

قَالُوا: لاَ نَدْرِي.

قَالَ: إِنَّ البُخلَ قَدْ قَتَلَه، فَلْيُخرِجِ الأَمْوَالَ، وَيُكرِمِ الجُنْدَ، فَإِنْ غَلبَ، فَمَا أَوشَكَ أَنْ يَعُودَ إِلَيْهِ مَالُه.

وَجَهَّزَ المَنْصُوْرُ وَلِيَّ عَهْدِه عِيْسَى بنَ مُوْسَى لِحَربِ مُحَمَّدٍ، وَكَتَبَ إِلَى مُحَمَّدٍ يَحُثُّه عَلَى التَّوبَةِ، وَيَعِدُه، وَيُمَنِّيْه.

فَأَجَابَه: مِنَ المَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ: {طَسم، تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِيْنِ} ، وَأَنَا أَعرِضُ عَلَيْكَ مِنَ الأَمَانِ مِثْلَ مَا عَرَضتَ، فَإِنَّ الحَقَّ حَقُّنَا ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:

فَأَيُّ الأَمَانَاتِ تُعطِيْنِي، أَمَانُ ابْنِ هُبَيْرَةَ؟ أَمْ أَمَانُ عَمِّكَ؟ أَمْ أَمَانُ أَبِي مُسْلِمٍ؟

فَأَرسَلَ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ مُزعِجٍ، وَأَخَذَ جُنْدُ مُحَمَّدٍ مَكَّةَ، وَجَاءهُ مِنْهَا عَسْكَرٌ، وَسَارَ وَلِيُّ العَهْدِ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ فَارِسٍ، وَنَفَذَ إِلَى أَهْلِ المَدِيْنَةِ يَتَأَلَّفُهُم، فَتَفَلَّلَ خَلْقٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَبَادَرَ آخَرُوْنَ إِلَى خِدمَةِ عِيْسَى.

فَأُشِيْرَ عَلَى مُحَمَّدٍ: أَنْ يَفِرَّ إِلَى مِصْرَ، فَلَنْ يَرُدَّكَ أَحَدٌ عَنْهَا.

فَصَاحَ جُبَيْرٌ: أَعُوْذُ بِاللهِ أَنْ نَخرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ، وَنَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (رَأَيْتُنِي فِي دِرْعٍ حَصِيْنَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا المَدِيْنَةَ) (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015