زَيْدٍ فِي آخِرِ يَوْمٍ مَاتَ فِيْهِ، فَقَالَ: أُحَدِّثُكُم بِحَدِيْثٍ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ قَطُّ، إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَلْقَى اللهَ وَلَمْ أُحَدِّثْ بِهِ:
سَمِعْتُ أَيُّوْبَ يُحَدِّثُ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: إِنَّمَا أَنْزَل اللهُ مُتَشَابِهَ القُرْآنِ لِيُضِلَّ بِهِ.
قُلْتُ: هَذِهِ عِبَارَةٌ رَدِيْئَةٌ، بَلْ إِنَّمَا أَنْزَلَهُ اللهُ -تَعَالَى- لِيَهْدِيَ بِهِ المُؤْمِنِيْنَ، وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِيْنَ، كَمَا أَخْبَرَنَا -عَزَّ وَجَلَّ- فِي سُوْرَةِ البَقَرَةِ (?) .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ عِكْرِمَةُ كَثِيْرَ العِلْمِ وَالحَدِيْثِ، بَحْراً مِنَ البُحُوْرِ، وَلَيْسَ يُحْتَجُّ بِحَدِيْثِهِ، وَيَتَكَلَّمُ النَّاسُ فِيْهِ.
قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ عِكْرِمَةُ يَرَى رَأْيَ الخَوَارِجِ، فَطَلَبَهُ مُتَوَلِّي المَدِيْنَةِ، فَتَغَيَّبَ عِنْدَ دَاوُدَ بنِ الحُصَيْنِ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهُ.
قُلْتُ: وَلِهَذَا يَنْفَرِدُ عَنْهُ دَاوُدُ بِأَشْيَاءَ تُسْتَغْرَبُ، وَكَثِيْرٌ مِنَ الحُفَّاظِ عَدُّوا تِلْكَ الإِفْرَادَاتِ مَنَاكِيْرَ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا انْفَرَدَ بِهَا مِثْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ وَنَحْوِهِ.
رَوَى: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أُتِيَ بِجِنَازَةِ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكُثَيِّرِ عَزَّةَ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً مِنْ أَهْلِ المَسْجِدِ حَلَّ حَبْوَتَهُ إِلَيْهِمَا.
وَرَوَى: أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ:
مَاتَ كُثَيِّرٌ، وَعِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَأَخْبَرَنِي غَيْرُ الأَصْمَعِيِّ، قَالَ:
فَشَهِدَ النَّاسُ جِنَازَةَ كُثَيِّرٍ، وَتَرَكُوا جِنَازَةَ عِكْرِمَةَ.